سوريا: أملٌ وخذلان؟

 رينيه أنطون- 19 كانون الأوّل 2024


قرأتُ أنّ أحلامًا تخفُت، ومعه ما يدلّ على أنّ تباينات بدأت تظهر في مواقف شرائح من الشبابِ والأصدقاء، في سوريا، من المرحلة الانتقاليّة فيها وما تتظهَّر وتَعِد به. ولحِظت أنّ أمالًا تزداد هنا، وخذلانًا يظهر وينمو هناك.

ورُغم أنّ الأختلافَ في تقييم الأمور طبيعيّ، إلا أنّه يجب أن لا يحجب الأهمّ، وهوَ ما أبرَزه الحدثُ ممّا تتحلّى به شرائح شبابية ومجتمعيّة مختلفة مِن سماتٍ، بهذا الخصوصِ، مُلفِتة. وعيٌ لمتطلّبات المرحلة والغد، جرأةٌ في الرأي والنقد رغمَ صعوبات الواقع، مقارَبة عقلانيّة للأوضاع الجديدة، إصرارٌ على عدم التهميش، وعلى المشاركة في ما يجعل من التغيير في البلاد حقيقيًا، تغييرٍ يطالُ المفاهيم والنُظم وأسس ممارسة الحكم، فلا يكون سطحيًّا يَستبدل الشخصَ بشخص، والجهةَ السياسيّة بأُخرى، وحسب.

يقيني أنّ هذا الأمر يشكّل مصدرًا لأملٍ كبير. فالانتقال بالأوطان إلى المفاصل الهامّة في تاريخها واتمام المرتجى فيها يقتضي، كما يعرف الجميع، من الصبرِ والنضالاتِ والمثابرةِ والتضحيات الكثير. كما أنّ ما انطبعَت به المرحلة الانتقالية في سوريا الى الآن، ورغم ما يؤلم فيه، لا يخرج عمّا تنطبع به مراحل مماثلة في بلدان عديدة أخرى، وهذا ليس تبريرًا لأيّ تسلّطٍ جديدٍ وعُنف، بل تحفيزًا على عدم التشاؤم. ويبقى أنّ ليسَ من أساسٍ يرتكز إليه سيرُ الأوطان السلميّ نحوَ الأفضل، نموًّا ووعيًا مجتمعيًّا وحرّيةً وعدالة، غير النهوض بوجوه المُجتمع المدني، وتفعيل دور الأحزابِ والحياة السياسيّة، فيها. وهوَ ما افتقدت إليه سوريا لعقودٍ طويلة.

ارتكازًا إلى هذا، فانَ ما تتحلّى به هذه الشرائح والطاقات هو مصدرٌ للآمال لأنّه بدايةُ حَفْرٍ لحيث سيكون هذا الأساس، والذي عليه سيُبنى السبيل إلى سوريا أفضل. وكلّما امتدّ هذا الوعي، وما يلازمه، في نفوسٍ وعقولٍ كلّما قصرت الأزمان وقرُبَ الواقع من الأحلام.

فمن المُبكِر، بَعد، أن يفقدَ أحدٌ حلمَه والرجاء، وألا يُسرِع إلى المساهَمة في الحفرِ والبناء، وإنْ تعثَّر مرّة وأكثر في الطريق.