إلى المطران بولس يازجي
رينيه أنطون- 14 كانون الأوّل 2024
سلامٌ لكَ حيثُ أنت.
أقصُدُكَ، وأجهَل ما إذا كنتَ تلبس الجسد الأرضيّ، بَعد، أم تتزيّن بذاك القياميّ. وأتوجّه إليك، دونَ أن أُدرك ما إذا كُنتَ غايةَ الخطف والخاطفِ، أم ضحيّةَ شرّه، في ذلك اليوم الحزين. وفي ظنّي أنَّ أحدًا لا يُدرك.
أقصُدكَ، لأن الجروحَ في ضمائر كثيرين لم تلتئم بَعد، ولأنّها عادَت، لسببٍ وحدَث، تنزف وتئنّ وتصرخ من جديد. أقصُدكَ لأنَّ الأوان آن، وأينما كُنتَ الآن، أن تُخبرَنا ما به تُشفى الجروح وتتعزّى القلوب، أن تُخبرنا تلك الحقيقةِ الحقيقَة التي لا يمتلكها، مهما عظُمَ، أيٌّ من حكّام الأرض.
فدَع الحكّام يلهون بـما يظنّون أنّهم يعلمون وبه يستأثرون، وحرّرنا من قيودِ الجَهلِ به. أخبِرنا بتلكَ الحقيقةِ الجليّة، البازغةِ مِن حروفِه إلينا، المخطوطةِ بأصابِع بولس ولوقا والتلاميذ. أخبِرنا بتلكَ التي تُعلِن أنّك استحلتَ، بالخطفِ، إيقونةً، على جدران القلوبِ، تَندُر لازدواجيّة الأبعاد.
حدّثنا عمّا صرته من إيقونةِ أُسقفٍ مرميٍّ في الطريقِ إلى أورشليم، غافرٍ للّصوص، تحفُر ركبتاه الأرضَ تضرّعًا، تأسيسًا لخلاص الأبناء. حدّثنا عمّا صرته مِن إيقونةِ أسقفٍ مأخوذٍ بعدالةِ السماء، مغمورٍ بالرجاء، مُنتَظرٍ سامريًّ مُنقذٍ من ظُلمِ شرّير.
وحدّثنا عمّا صرته من إيقونةِ أسقفٍ شهيدٍِ، مغمورِ الرأس بقصَبٍ مِن أرضِ قدّيسين، شاخصِ الوجهِ، فيها، إلى وجوهِ المظلومين المغمورين، هامسٍ بالمسيح في ترابها، ليصيرَ بالشوكِ النابتِ منه سنابلَ حرّية وعدلٍ وسلامٍ يَنطَبع بها الوطن، ويغتذي منها الأبناء.
فأعلمنا يا سيّد، مرميًّا في الأسرِ كنتَ، أم ضحيّةً أم شهيدَ، أنّكَ إلى هذه الإيقونة المزدوجةِ الأبعاد استحَلت. أُصرخ بنا أنّ لا داعٍ لنزفٍ، بَعد، ولا لضجيج، فالغايةُ، إنْ بانَت حقيقةُ الطُغاة في الأرض أم غابَت، مُحقَّقة، وأنّكَ إلى الله، الآن، أنتَ أقرَب. أصرخ بنا أنّ رعايتَك هي الآن أفضَل، وصلاتك باتَت أفعَل، وسبُلَ تعليمك، في المسيح، الى القلوب تفرّعت وتعدّدت وصارَت أكثر. أصرخ أنَّ بما صرتَ عليه غمركَ الفرح في الحبيب وتحقّقَ الرجاء، "فلا نكنّ كسائر الناس الذين لا رجاء لهم".