في زمن الشدّة

رينيه أنطون

نشرة الكرمة


نحيا اليوم، كسائر أبناء بلدنا ومنطقتنا، في زمن تسود فيه الصراعات السياسية وما تفرزه من عنف دام وقلق ولا استقرار. وهو الأمر الذي يرخي بوطأته الثقيلة على نفوسنا ويتحدّى قدرتنا على الثبات في فرح الايمان والحياة. 

لا شكّ أن قلقنا، كمؤمنين بالربّ يسوع، من هذه الاوقات الصعبة وتداعياتها العنفيّة التي تطال، خصوصًا، الأبرياء هو أمرٌ إنسانيّ مشروع. فربّنا يشاركنا هذا القلق ويتألّم لألمنا كما يفرح لفرحنا. وهو الذي شاء أن يفتدينا بدمه ليحرّرنـا من كلّ ألم وموت ويُقيمنا في السعادة الحقيقية والفرح القياميّ الذي لا ينتهي. ولا شكّ أيضًا أننّا مدعوّون إلى أن نكتسب، في هذه الظروف ودائمًا، كلّ أبعاد المواطَنة الحقّة ومتطلّباتها ومشاركة أبناء وطننا  في ما تقتضيه هذه المواطَنة من خطوات لترسيخ وحدتنا الوطنية  وإجراءات وحذر لتفادي كلّ ضرر قد يُصيبنا أو يُصيب إنسانًا. 

غير أنّ هذا كلّه يجب ألا يُنسينا أننا أبناء الرجاء بالربّ كي لا نكون كمن "لا رجاء له"، وأنّ الظلمـة، مهما اشتدّت، لا تحجب عنّا النور الالهي وكوننا مدعوّين، أيًا كانت الظروف، الى التسلّح بالربّ والالتصاق بنوره والاقامة في ضيائه. وهذا ما يدعونـا الى أن نثبت في عشرة مسيحنا ونكّثف مشاركتنا في الذبيحـة الالهيـة وصلواتنا ودعائنـا ليرافق حياتنا ووطننا وأبنائه جميعًا بسلامه ومحبّته الفاديـة. كما يدعونا إلى أن نتألّق في شهادتنا ليسوع المسيح، إله الكلّ، صلاةً لأجل رحمة نفوس ضحايا العنف الذي يحوط بنا، ومزيدًا من العطاء لكلّ محتاج وحضورًا فاعلًا وسط مجتمعنا معزّيا ومشاركًا كلّ متألّم وصوتًا صارخًا ينادي بصون قدسية الصورة الالهية في الانسان وحقّه في العيش بحريّة وكرامة وعدالـة وسلام، مستذكرين، دائمًا، قول الرسول في رسالته إلى أهل أفسس: "تقوّوا فِي الربّ وفي شِدَّةِ قوَّتِه. الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِروا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ". 

 

المشاركات الشائعة