تأثيـر ووفـاء

 

رينيه أنطون- 27 حزيران 2024


الحقيقةُ التاريخيّة هيَ أنّ المسرى الأساسيّ للايمان والفكر المسيحيّين، والشهادة ليسوع، إلى قلوبِ المؤمنين وعقولهم ومسالكهم، عبرَ الزمن، هو، أساسًا، التأثير المُباشَر في الأشخاصِ وحسب. ولئن كان منبَع التأثير هذا، حسبَ ما نفهمه من الكتاب، هو إلهامات الربّ للرسل وفِعل روحه القدّوس فيهم، فانّ امتدادَه، جيلًا بعد جيل، انما هوَ لما انغرسَ في نفوسِ المتأثرين، المؤثّرين لاحقًا، مطبوعًا بما خصّ الله هذا أو ذاك منهم من سماتٍ ومواهب وجديدِ الروح فيهم. (رومية ١٦). لا أنفي ما قد يكون لعوامل متعدّدة أخرى من دورٍ في صقلِ هذه "الشخصيّة" الالتزاميّة للربّ أو تلك، لكن لا أشكّ، انطلاقًا ممّا أعرفه، أنّ أيًّا منّا، إنْ صارَ على شيء من تلك "الشخصيّة"، أيّ من هذا الالتزام، فانّما هو مدينٌ بهذا التكوين لذاك، أو هؤلاء، الذين "سهروا لأجل نفسه" (عبرانيّين ١٣ :١٧). هو مدينٌ، لأنّه صارَ ابنًا للخلاص إنْ وفَى الله وأمسى هوَ "ساهرًا على نفسه" والآخرين. وما من وفاءٍ لله بغير أن ينطلق من الوفاء لكلّ وجهٍ اختاره لاطلالته، يومًا، علينا. والوفاء لهذا الوجهِ هو في ترسيخِه، في عيوننا وضمائرنا، إيقونة عبورٍ لمحبّة الربّ إلينا. إنْ كنّا، حقيقةً، على هذا الصُدق في الوفاء، صارتَ حرّيتنا، كما شاءَها الربّ لنا، لجوءًا إلى الإبداع في نقلِ مسيحِنا، وإنْ لم نكن، صارَت، كما تقودنا إليها ضعفاتنا، هروبًا إلى أنانا. يروي المطران جورج خضر أنّه التقى، يومًا، في بلدٍ أوروبيّ شخصًا سأله عن أحوال كوستي بندلي. وبعد أن أجابَه، أسرّ له الشخصُ بالآتي: "يا سيّدنا، أحيانًا، إنْ شعرت بأنّني على شفيرِ أن أضعف وأقع في خطيئة، استحضر وجهَ كوستي بندلي إليّ فتراني أتقوّى وأعدل"! هذا مثال، ليس عن كوستي، بل عن الذين يحفظون الإيقونات، وكيفَ يحفظونها.

المشاركات الشائعة