الوثيقة والايمان والتحرير

 

رينيه أنطون

نشرة صوت المركز - 1997


صدرت في شهر كانون الثاني الماضي الطبعة الثانية من كتاب الأخ كوستي بندلي "الإيمان والتحرير – البُعد الإجتماعيّ للحياة الروحيّة". لستُ هنا في معرض التعليق على مضمون الكتاب، وهذا أمر مهمّ جدًّا، نظرًا للتحدّيات التي يطرحها علينا موضوع الكتاب في سياق أزمة الإنسان التي نعيش اليوم على صعيد الوطن والعالم. ولكنّي هنا في معرض طرح بعض ما أثاره لديّ صدور هذا الكتاب من هواجس وتساؤلات وهي:

ملفتٌ أن يستغرق صدور الكتاب من دار النشر حوالي العامَين، علمًا أنّ هذا الكتاب هو من الكتب القليلة التي تصدرها منشورات النّور والتي تخاطب عالم اليوم بلغة اليوم. في أيّ حال وأيًّا تكن الأسباب التي أدّت إلى التأخير، فإنّ هذا يلفتنا أوّلاً ونحن على مشارف القرن الآتي إلى ضرورة الخروج في التعاطي مع النشر من طور الهواية إلى طور التفرّغ والاحتراف، ويطرح علينا ثانيًا ضرورة تحديد أولويّاتنا على صعيد النشر في ضوء ما هو مطروح من أولويّات في المراكز الحركيّة، وهواجس وهموم لدى شباب اليوم، لا بمعزل عنها.

أهو موقفنا الفعليّ من "وثيقة التزام شؤون الأرض" التي يذكرها الأخ كوستي في مقدّمة كتابه والتي صدرت منذ 27 عامًا؟ وإلى متى سيبقى هذا الواقع اللاّمبالي تجاه هذه الوثيقة؟ ألا نرى أنّ استفحال الأزمة الإنسانيّة، السياسيّة والاقتصاديّة في العالم نتيجة لما يُسَمّى "النظام العالميّ الجديد" يدفعنا إلى التشبّث فعلاً بما تطرحه الوثيقة من مبادئ ومنطلقات؟

الكلّ يدعو إلى صياغة جديدة لوثقية "التزام شؤون الأرض"، تعكس واقع اليوم. وكي لا يكون ترفّعنا عن التفاصيل ترفّعًا عن التعاطي الجذريّ ومأساة إنسان هذا العصر، فنمسي مسيحيّين لا نمسح شيئًا، أدعو إلى صياغة رأي وموقف إيمانيّ من القضايا التالية، ودعوة الشباب إلى الالتزام به والتعبير عنه: حقّ الإنسان في الحرّيّة والتعبير – حقّ الشعوب في تقرير المصير – العدالة الإقتصاديّة بين الدّول (الجوع وسوء التغذية في البلدان الفقيرة) - مجتمع الاستهلاك وتشييء الإنسان – التعامل والمال – التعامل والإعلام "الحديث" – مجّانية التعليم والاستشفاء – الدّين والسياسة (صياغة جديدة للموقف من العلمنة).

هواجس وتساؤلات تنتظر الإجابة، كي نطرح غربتنا عن آلام العالم جانبًا.

 

المشاركات الشائعة