علامات قداسة ؟

 رينيه أنطون - 3 أيار 2013


في رعيّتي، أثناء خدمة الساعات، برزت أمامي مشاهد تروي الحكاية الغريبة التي جمعت الله بالانسان باختصار وأروع لغة..!

أ - سيّدة قسى عليها الدهر وأصاب أفراد عائلتها بأمراض يصعب خدمة المصاب بها. فندرت نفسها، طيلة حياتها، لهذه الخدمة، وألفتها جدران كنيستي سحرًا وغروبًا، بكثافة، حتّى بات وجهها صورة باسمةً تجاور الايقونات فيها. تلفتك، اليوم، وهي تنتصب صلاةً، تحفظ المزامير والقطع وتتلوها بفرح لا تعرفه الوجوه، كأنّي بها لا تشبع من شكر الربّ على السماح بأن تكون حياتها، كلّها، فعل محبّة ومحبّة.

ب - عاملة أفريقية تنتصب وقوفًا وانحناءً بتركيز وانضباط قلّ نظيره، تحتضن كتاب خدم الأسبوع العظيم بلغة بلادها دون أن يزيح نظرها، طيلة ساعات، عمّا بينه وبين إيقونة السيّدة المواجهة لها. عاينت في إيمانها تتفيهاَ وتسخيفًا لما نعتقده ملكًا وغنى ورقيّ. فها هي ترتقي، كملاك، فوق قسوة الحياة وناسها، لترتاح الراحة الحقّة في فضاء محبّـة الربّ التي بها تملك ما يعجز أغنى الأغنياء عن امتلاكه في دنياه. فاليوم، كلّ مُلك الدنيا وغنى الارض كان قشّةً مرميةً في عمق سلامها وبساطة إيمانها.

ج - رجلٌ، لفحه هواء الحركة يومًا، يضطرّه مرضه، رغم ضعف إمكاناته، الى العلاج شبه اليومي منذ عقود من السنين. تراه، اليوم، يلج الكنيسة كعادته، محيّيًا المصلّين بابتسامة خفرة وانحناءة وداعة، مُسرعًا ليملأ الزاوية الأمامية المعتادة على حضوره فيه. أراه في تأهّبه الدائم للمشاركة في الخدم مُجسّدًا قول الرسول في رسالة غروب اليوم: "إن كلمة الصليب...عندنا نحن المخلّصين هي قوّة الله".

تُرى ربّي أهي علامات قداسة في عصرنا؟

 

 


المشاركات الشائعة