الأستاذ جورج أرناؤوط

رينيه أنطون - حزيران 2016


*كُتِبت قبل تاريخ انتقاله

ظننت أن الكلام في شخصه خيانةٌ لخَفَرٍ هواه، وطعنةٌ لخجلٍ رافقه عمرًا. فاتني أنَّ من الناس من تدعوكَ فضائلُه لتُعلي شأنها فوق كلّ اعتبار.

معلّمٌ أدّى خدمته بتميّز صدّرَه في ضمائر أجيال وأجيال. تقاعدٓ، وحرصٓ على أن يبقى تلميذًا في مدرسة سرّ الشكر، حيث يحتلّ مقعدًا في كنيستي منذ سنوات.

يدخل "الاستاذ"، كلّ أحد، الى حيث يعجننا الروح بالسيّد. يَعبر، مُسرعًا، بين الوجوه دون أن يلفُتَه وجهٌ. فرغم أنّه يجاور حركة الشبيبة الارثوذكسية ولا يلتزمها، الا أنه يدرك ما أدركنا جميعًا فيها، أن وجهًا واحدًا، إن وقفتَ عنده في القداس، حاكيتَ، فيه، كلّ الوجوه.

يجلس حيث ينكشف مرتع الروح لعينيه، إذ يعنيه ألا يحجب شيء عنهما سحر الحراكَ الجاري ما بين الأرض والسماء.

يُصغي للكلمة بشكلٍ شاءه لطلابه عمرًا. فكما الاصغاء للعلم، في يقينه، سبيل نهوض، فالاصغاء للكلمة، في عُرفِه، سبيلَ امتشاق السلّم الى قبلة كلّ نهوض.

يقف شاخصًا الى ذبيحة الحبّ بانحناء. كأن شأنه شأنَ هؤلاء الذين ما عرفناهم غير رؤوس مُطأطأة، الذين بهم عرفنا أن موقع السماء هو حيث تحلّ الوداعة في أسفل الأرض، ومعهم عاينّا أن في النفوس العشّارية الهوى يفرش المسيح ويرتاح.

من أين "للأستاذ" كلّ هذا اللاهوت؟

وكيف صار لنا قائدًا نحن "المخضرمين" في ورشة الشركة؟

بحثتُ وتعمّقت، ولم أجد غيرَ جواب. أن ترياقًا من رفيقه، السيّد في الايمان والوداعة في زمننا، بولس بندلي، حلّ في دمه، فصَعُب عليه غير أن يتقبّله بهذا التجاوب والعشق وفاءً، اعتادَه، لوجه حبيب.

__________
* أستاذ في مادة الرياضيّات من الميناء عريق اشتهر باخلاصه للعمل والتلامذة.  

المشاركات الشائعة