الاجتماع العام للأبرشيّات


رينيه أنطون

نشرة صوت المركز - العدد السادس 1997


الإجتماع العام للأبرشيّات الذي عُقِد في الثالث عشر من هذا الشهر، خطوة تستوجب التأمّل بها وتقويم نتائجها على مستويات مختلفة. وبسبب من ضيق المساحة المُتاحة لي أكتفي بذكر النقاط والتساؤلات الآتية:

أوّلًا: لعلّ من المفيد التذكير بأنّ الاجتماع المذكور غير قانونيّ لأنّ النظام الذي نعمل به في كرسينا الأنطاكيّ لا يتحدّث عن إطار كهذا بل عن مؤتمر أرثوذكسي عام ينبثق عن مؤتمرات الأبرشيّات المنبثقة بدورها عن مجالس الرعايا. بناء على ذلك، نتساءل، دون أن نلقى إجابة موضوعيّة وواضحة إلى اليوم، لماذا عُقِد هذا اللّقاء الذي اقتصر على تلاوة تقارير الأبرشيّات ومناقشات موجّهة ومحدودة جدًّا تلتها، ولم ينتج عنه أيّ توصيات أو توافُق على متابعة الخطوات الأخرى؟ هذا ما علمناه وما يوحي به أيضًا البيان الرسميّ الذي صدر عن الاجتماع والذي اختزل اللّقاء بعرض مضمون الكلمة الافتتاحيّة لصاحب الغبطة وعناوين عامّة واردة في التقارير دون الإشارة إلى ماهيّة الاجتماع أو نتائجه. ألم يكن بالإمكان مثلًا أن ترسل تقارير الأبرشيّات إلى المجمع المقدّس لعرضها ومناقشتها بدلًا من هذا الاجتماع؟ ولماذا، وهذا هو السؤال الأهمّ، لم يسعَ أحد، بدلًا من هذا كلّه، إلى استكمال تنفيذ القانون الأساسيّ في معظم الأبرشيّات وعقد المؤتمر الأرثوذكسيّ العام؟؟

ثانيًا: رُبّ قائلٍ إنّ تبادل الخبرات على مستوى الاجتماع الذي عُقِد والتشاور في الخطوات المستقبليّة أمرٌ إيجابيّ يجدر الاهتمام به، هذا القول المشروع يقودنا إلى النقطة الثانية وهي موضوع تمثيل أبرشيّتنا، حيث برزت بعض المواقع وغابت خبرات وذلك من خلال تغييب مشاركة مجالس الرعايا بشكل عام، وبعض المجالس الرائدة بشكل خاص. فأيّ شأن لخبرة على المستوى الرعائيّ يمكن تناقلها والتفاعل معها ما لم تكن مختبرة في العمل في الرعيّة ومنطلقة منه؟ ولماذا لم نترك للرعايا حرّية اختيار ممثّليها لهذا الاجتماع؟ فهل نملك مفهومًا للأبرشيّة يختلف عن كونها أوّلًا مجموعة رعايا تتفاعل فيما بينها في ظلّ رئاسة الأسقف ورعايته وتوجيهه؟

أسئلة أطرحها، لكنّها لا تمثّل وجهة نظري فحسب، بل كانت مدار تساؤل الكثير من الأخوة، الذين تساءلوا أيضًا حول دور الحركة في تحضير الاجتماع والمشاركة فيه.

ثالثًا: حول ما سبق أقول إنّ مشاركة إخوة حركيّين بناءً على طلب سيادة راعينا الجليل في تحضير هذا الاجتماع وتنظيمه، لا يعني أنّ حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة من حيث هي تيّار نهضوي في الكنيسة الأنطاكيّة معنيّة أو راغبة في انعقاده وتنظيمه. فلكلّ أخ حركيّ حرّية التحرّك واتّخاذ المواقف التي يراها مناسبة في ميادين التزامه الكنسيّ والاجتماعيّ. أمّا الموقف الحركيّ المجسّد بالضرورة لفكر الحركة وتراثها ومبادئها، فتبنيه الجماعة الحركيّة معًا عبر الشورى إذا أُتيحَت لها الفُرص (وهذا هو الأهمّ) أو من خلال المجالس والأطر القياديّة المنتخَبة من الجماعة والمعبّرة عنها.

رابعًا: أمّا مشاركتنا في الاجتماع، وقد دُعينا إليه في إطار دعوة بعض الجمعيّات، فقد أتت تلبيةً لطلب سيادة راعي الأبرشيّة، بهد إبراز استعدادنا الدائم لخدمة الكنيسة ووحدتها. هذا لا يعني، وهنا يقتضي التوضيح، أنّنا جمعيّة كباقي الجمعيّات العاملة مشكورة في كنيستنا المقدّسة. نحن نصرّ على كوننا في الكنيسة تيّار نهضويّ، يدعو أبناء الكنيسة جميعًا للإقبال على معرفة يسوع المسيح الحقّ من خلال كلّ الأُطر الكنسيّة والميادين المُتاحة في عالم اليوم. لهذا وإن كان لا بدّ لنا من المشاركة، كان إصرارنا على أن تتميّز هذه المشاركة لتأتي على حجم تاريخٍ لنا وإنجازات وتبرز فرادة وجودنا على المستويات الكنسيّة المتعدّدة. وربّما لم نتوصّل إلى تحقيق هذه الغاية.

 


المشاركات الشائعة