وفي اليوم الثالث - مقالة من فوق

رينيه أنطون - 2018


وفي اليوم الثالث كتَب جورج مسّوح مقالته من فوق:

"أحبّتي...

منذ أن وطأت قدماي السماء، مَسَح الربّ نفسي وشفى شوقي.

السماء، يا أحبّتي، تُتخِمُ راحةً وفرحًا. فلا تغتمّوا من أجلي.

تُحضِر وجوهكم في وجهٍ أمامي لا يغيب. تخلو ممَّن شَغَلني لديكم. ليسَ من فقراءٍ فيها ولا مَظلومين. تُحكَم ببسطاء قدّيسين يُخدَمون بمَنّ سُمّوا، يومًا، عُظماء الأرض. لا أعاين فيها دينًا لأحد أو طائفة، كلُّهم هنا من تلك الوجوه التي توثّبَت الى فوق من تحت، والتي تحرّرت من أسر الذات محبّةً وسعيًا الى الآخر. منها مَن بدأت بحمل المسيح إليه، حوارًا وحبًّا ، في الأرض وأتمَم الله المهمَّة هنا.

السماء يا أحبّتي تُتخمني زَهوًا.

فيها أدركت أني أصَبْت المسيح. إنّه هو َ، هوَ، ذاك الذي عاينته في كلمة الكتاب وحملت به من الشيخ اليكم. حين أتاني شهدت أنّه هو. ليس ذاك المأسور في حروفِ الكَتَبة وجدران الهياكل وأحقاد العصبة. ليس ذاك العَبوس، المتجبّر، المتسلّط على ضعفات الأبناء. لا يا أحبّتي. هو مَن حملته اليكم، والى العالم، كلمةً ينسلّ من الهواء الى القلوب. هو اللطف، والحبّ، والرحمة الناشدة خلاص كلّ، كلّ، أهل الأرض. هو الطائر المغرّد حرّية، هو الدمعة في كلّ عين والفرح في كلّ قلب.

أصَبْته أحبّتي، أصَبْته. عاينته أوسع، وأوسع، من الكون وكلّ الخَيال.

غدًا، دعاني لأرافقه في رحلة أورشليم. كعادتي، سأسند، خلالها، الشيوخ القدّيسين، وسنلاقي الشمّاس في الطريق. بعدَه سألقاكم، هناك، فيه. ستعرفوني، ستعاينوني عصًا، مُتكًّا، لكلّ مَن يحتاج من أهل السماء. سنرفع شموع الظفر معًا، وسيحمل كلٌّ منّا الآخر فيها.

سلامٌ، أحبّتي، أرسله لكم، معطَّرًا بعطر أهل النهضة هنا.

 


المشاركات الشائعة