الأخـوّة

 رينيه أنطون -  31 اذار 2020


لا أعني بها تلكَ اللحمية المنسوجةِ بخيوطٍ مِن رحِمٍ واحد. هذه شأنٌ آخر.

أعني بها السرّ المُضاف الذي لا رقمَ له. السرّ الذي لا يُدركه غيرُ المذهول بألوهةٍ امتدت في أرضِنا جسدًا ينمو بالتنازل، يقتاتُ بالتخلّي، يستقي بالخلّ ويمتشق انحناءً إلى غسل الأرجل.

في الأرض، تشغلنا الحروف. لا بل تتملّكنا. تستهلكنا مكوِّنًا لأعرافٍ وعباراتٍ، ليسَ ما يُبهِر فيها غير رسومٍ دونَ روح، كتلك التي بها تُزيَّن القبور.

فيها، سُنَن، شرائع، قوانين، نُظم، دساتير، نواميس، أعراف ومواثيق يُظَنّ أنها لأجلكَ كانت، حينَ أنها لأجل دفنِك في ترابيتِك، في أناكَ، وُجِدت. لأجل أن تعجزَ عن أن تستهويَ وجهًا، غيرَ وجهك، حرفًا مكوِّنًا مِن حروفِ حقوقكَ، وُجِدَت.

لأجل أن تعجزَ عن فَهمِ أن كلّ شورى، هي شورى للربّ في الآخر، حقٌّ له، حقّ للأخِ فيك، وليست حقًّا لكَ في أخيك، وُجِدت.

أمّا في السماء فشأنٌ يختلف.

هناك يحكُم التخلّي. تحكمُ هيَ، الأخوّة. وجهُ الأخ فَرِحًا هو كلّ الحقوق، وحضوره فيك هو كلّ الوجود.

الحياةُ هناك إنزواءٌ إليه، حَجْرٌ لكلّ ما لكَ وهو فيك. رفرفةٌ في حريّة تخلّيه، في رحاب حقيقة الوجود.

الأخوّة، إن وجِدت هنا، كانت بدايةُ الحياة هناك، كانت الارتقاء إلى بدايةِ الوجود.

 

 

 


المشاركات الشائعة