أجمل الأمّهات" هي - 2023

 رينيه أنطون – 14 اذار 2023


تلِدُ أبناءً برجاءِ أن يبلغوا الرشدَ بالربّ ليختصّوا به، وبكنيسته، دونَ شريك.

أمٌّ تغذّي أبناءها بالاحتضان. تصونهم بالصلاة. تودِعهم عنايةَ الأخوّة، تنمّيهم بالمرافَقة. ترتقي بهم إلى رحاب المعرفة وحريّة الأبناء.

تكشفُ لهم حقيقةَ الله. تنزع عنه، في ضمائرهم، كلّ تشويه. تُعلنه لهم، كما أعلنَ ذاته، الهًا مصلوبًا ماسحًا الأسى عن كلّ وجهٍ بكفَنِ الجسد. تقدّم المسيحَ وجباتِ عشقٍ وفداء واحساسٍ وطراوة ورقَّةٍ ودمعٍ وفرح. تقدّمه لأبنائها ربًّا يحزن لحزنهم، ويفرح لفرحهم، ينشد الخيرَ لهم لا الشرّ، يبغي الطمأنينة لهم لا المصائب ويفرش طريق القيامة لهم لا الموت، ربًّا ينتظرهم، بشوقٍ، متحرّرين من أسرِ الخطايا والأهواء، في مسكن القدّيسين.

أمٌّ، تضجّ في آذان أبنائها، لئلّا ينسوا مرّةً، بأنّ لا غنيّ بالمال أمامَ ربّهم ولا فقير، ولا متعلّم ولا أمّي، ولا مثقّف ولا جاهل. تضجّ في آذانهم بأنّ أثمن الدُرَرِ هي باقةُ الشوك على رأس المعلّم، وأروع القصور هو بيتِ ولادته، بأنَّ ليس من فكرٍ أوسع من فكرِ كتابه، وليسَ من بلاغة أعمق من بلاغة حروفه. أمٌّ تنبّههم، باستمرار، إلى أنَّ العالِمَ الحقيقيّ هو العالِمُ بهذا، والجاهلَ الحقيقيّ هو الجاهلُ به، وأنَّ الفقيرَ الحقيقيّ هو المائتُ في الظلمة دونَ عبورٍ الى ضيائه، والغنيّ الحقيقيّ هو العابر، دونَ موتٍ، الى الحياةِ في وجهه.

ببساطة، الحركة هي "أجمل الأمّهات" هذه. ليست مدرسة، ولا هيئة، ولا جمعيّة، ولا تنظيم ولا مؤسّسة، هيَ.

هي إحاطةٌ منسوجة بخيوط الانجيل، وتربيةٌ مُبتدَعة من حروفِه. تُطلِق "التلاميذ"، بحرّيةٍ لا قيدَ فيها ولا شرط غيرَ انحناءة العشّار. تُطلِقُهم في مسيرةِ ما يحقّق شخوصها الى كنيسةِ المسيح جماعةَ رسلٍ، والى الأرض حقلَ خَلقٍ وشركةٍ وعدلٍ وسِلمٍ وحرّيةٍ، حقلًا، معقلاً، للربّ. فتكون المسيرة مسارَ توبةٍ وخلاص لأبنائها، وللأرض قُربًا من الملكوت، وللربّ فرحًا وفرح.

لذا الحركة، ببساطة، ليست بشيء. الروحُ الذي فيها هو كلّ شيء، كلّ شيء. وهذا على الرجاء.