مهمّ وضرورة

 

رينيه أنطون - 17 حزيران 2024


يوم ٦ تمّوز القادم، المصادف الذكرى المئة وواحد لميلاد المطران جورج خضر، تُقيم حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة لقاءً واسعًا سبقَ أن أفضت ظروف متشابكة إلى عدم إقامته في موعده العام الماضي إحياءً لذكرى مئويّة المطران. 

الحدثُ مهمٌّ وضرورة، وهو، لعدم حضور الرجل فيه، يبتعد عن كلّ بُعدٍ تكريميّ ليكونَ، في أولى أبعاده، وجهًا من وجوه الوفاء لله عبر الوفاء للساجدِ عُمرًا أمام محبّته الإلهيّة، وعهدًا بأنَّ ما غرسَه هذا النابغ في المسيح في جسدِ أنطاكيّة من ثقةٍ بوعدِ الربّ، بامتداداتها التي لا تُحَدّ، لن يشيخَ مهما هو شاخ، ولن يحتجب عن شبابها وإنْ احتجبَ هوَ، يومًا، عن هنا وسكنَ، حيث الوعد، هناك. 

هذان البُعدان للّقاء لم يولدا من حسّ عاطفيّ مشروع تجاه أب، بل من الحسّ بحاجةِ هذا الزمن، حاجةِ الكنيسة والحركة والوطن، الشديدة، إلى ما تجلّى لنا من إلهامات الربّ للرجل وأثمَرت عنه من سماتٍ فيه، وما كرَّس له جورج خضر العُمر وأرادَه لكنيسته، وفيها، ووطنه وفينا. لا أعني بهذا ما ميَّز الرجل في الأدبِ والبلاغة والخطابة ووسعِ الثقافة وحدّة الذكاء وقوّة التأثير الشخصيّ، فلكلّ شخصٍ فرادته وتمايزه، وإنّما ما برزَ فيه، ودعا إليه، من أساس. 

الأساس الذي هوَ رجالٌ يتكّلون على الله وحسب. يرتكزون على محبّته والثقة بوعده. يصدقون ويجدّون في مدّ قضيّة الخلاص به. لا فصل لديهم بين سرّ المذبح وسرّ الأخ. لا يوفّرون سعيًا وتعبًا ليكونوا على فكرٍ ومعرفة تخدم انفتاحَهم على كلّ آخر وبحثَهم عن جمال الله، وموقعِ شهادةٍ للمسيح، فيه. ينشدون وجهَ الله، دونَ وجهِ إنسانٍ، ويصرخون بارادته وعدلِه وحقِّه وسلامه، وإنْ زعزعَت أصواتهم جدران الهياكل والقصور. أحرارٌ وآباءٌ للحرّية، يفرحون بحرّية الأبناء، والمواطنين، ويصغون لمن نقصَ عنهم موقعًا أو معرفةً، وزاد. أبوابهم مفتوحة دعوةً للوجوه إلى وجهِ المسيح الذي فيهم. مفتقرون لا يطلبون لأنفسهم غيرَ فرح الله بهم. وإنْ شاخوا، يكبرُ شوقهم إلى السماء، تضعف قوّة أجسادهم، أمّا تخلّيهم عمّا يخصّ الدنيا، وهذه السمات فيهم، فتَقوى وتزيد. 

فليسَ إلى هذا اللقاء وحسب، وإنّما الشخوص أيضًا إلى تجلّي كلّ وجوه الوفاء، فينا، بالتشبّث بأن تكون الحركة، أو تبقى، رحِمًا تمض منه هذه السمات، يدفعُ إلى الكنيسة والوطن بهكذا رجال.

 

المشاركات الشائعة