كلمة - اللقاء مع المغتربين الحركيّين كندا

رينيه أنطون - 2021


المغتربون والأخوّة الحركيّة

أسمح لنفسي بداية يا اخوة أن انقل لكم سلامّ كلّ أخ واخت من مراكز حركتنا راجيًا من ربّنا يسوع المسيح ان تكونوا انتم وعائلاتُكم بالف خير ومحميّين من هذا الوباء الذي يضرب عالَمنا، اليوم.

نحن، يا إخوة، اليوم في فرح كبيٍر جدًا بهذا اللقاء، ولأسبابٍ ثلاث:

أولًا، لانه يأتي بمناسبة ثمينة يدرك كل شخص منّا مكانتَها لديه، وكم هي عزيزة على قلبه، وكم هو الأثر والتغيير الجذريّ الذي تركته امتدادتُها في حياته، وأعني بها مناسبة ذكرى تأسيس الحركة. 

وبالطبع كلنا يعرف أننا لا نرى بعيد الحركة مناسبةً للضجيج والتبجّح، وانما مناسبة للتمثّل بما أعطاه المؤسّسون والتجدّد والتشدّد بالربّ خاصّة في هذا الزمن الصعب. أي هو مناسبة لننزع عنا كلَ ضعفٍ وخوفٍ وعتاقة وكَسل.

ثانيًا، لرمزيته المهمّة جدًا، كونُه اللقاءَ الأول الذي يجمعنا معًا إخوةً مقيمين خارج الوطن وداخله. فكأنَّ بكلّ منّا يعبر، بهذا اللقاء، فوق الأسباب والصعوبات والموجبات والضرورات والمحن التي دفعت به الى حيث يقيم اليوم أو يُشغل، لنعود ونحنّ سويةً إلى الأجمل والأحلى، الذي هو زمن لقائنا وجوهًا في رحاب التزام قضية الربّ، ونعلنَ ثباتَ صدارةِ هذه القضية فينا.

ثالثًا، لما يحقّقه هذا اللقاء، بالوجوه المشارِكة فيه، من جَمعٍ لاخوة من أمكنةٍ انطاكية ومراكز مختلفة في زمنٍ يسوده التوجّه الفرديّ، وفي رحاب حياةٍ كنسية تعاني، والأسف، من الكثير من ضعف الوحدة.

إضافةً الى رجائنا بأن يكون لقاؤنا مرآةَ الحركة في وحدتها، فإنه يلبّي همًّا أساسيًا لدينا، ويترجم حُلمًا حركيًّا راودنا لسنوات عديدة، وراوَد كلَّ الاخوة الذين تناوبوا على المسؤولية في الحركة أكانت مسؤولية محلية أو عامة، والحلمُ هوَ ألا ينفكّ رابطُ الاخوّة الذي يجمعنا في المسيح، والذي شدّت اواصرَه فينا الحركة، لاي سبب من الأسباب وخصوصًا لسبب انشغالٍ أو غربةٍ او بُعدٍ مكانيّ. هذا لنبقى مشدودين، عبرها، الى المسيح وكنيسته. وهنا أشكر الربّ على ما أوجدَه العلمُ لنا من وسائل تسمح بالتعبير، وإن افتراضيًا، عن هذه الأواصر دونَ صعوبات.

 إنّ صدارة الحركة في قلوبِنا انما تنبَع من دورها ببناءِ مكانة الربّ فينا او بتصحيح هذه المكانة. أي من دورها في أن تصل بنا إلى أن نكون، "إن حيينا أو متنا" للربّ.. ويعرف الكثيرون منّا، وانا أولّهم، أنَّ مِن دون حركة الشبيبة الارثوذكسية لراوَحنا في جهلِ طريق الخلاص ولما انوجدَنا، رُغمَ ضعفاتنا البشرية، في هذا السعي إليه عبرَ التزامنا خدمةِ الكلمة وكنيستِه. ولذلك فانّ كلَّ لقاءٍ حركيّ يجمعنا، وخاصّة في عيد الحركة، فانما هو لشكر الربّ أولًا على اليوم الذي ازال فيه الغشاوةَ عن عيوننا لنعاين محبّتَة ونلتزم قضيّتَه بالتزامنا حياةِ كنيسته والشهادة له. 

هذا يا إخوة ما يرسم هويتَنا الحركيّة، وما يؤكّد، في الوقت نفسه أننا، وأينما وجدنا على رجاء أن نكون هذه الحالة الالتزامية النهضوية، لسنا بحالة إزاء الكنيسة بل في قلبها. لانَّ كلّ ما تدعونا اليه الحركة من التزامٍ للحياة في المسيح وترجمةٍ له لا صحّة له، ولا استقامة، خارج التزام الحياة الكنسية والحضور في صميم الحياة الرعائية. نحن مدعوّون الى ان نكون في قلب هذه الحياة، والحركة  هي ورشةُ حثٍّ وتأهيل وتحفيز لنا لان نكون في حياة الكنيسة كما يليق بالأبناء ان يكونوا. 

لذلك، وانطلاقًا من هذا أوضح أمامكم، وجوابًا على كل تساؤل يتعلّق بما أطلقناه من تحرّك أكانَ لأن نلتقي الاخوة المغتربين من حينٍ إلى آخر، أو لأن يلتقوا بعضًا ببعض إن شاؤوا ذلك، ان هذا السعي لا يهدف، قطعًا، إلى ان يكون بديلًا عن انخراط كلّ شخص في حياة رعيّته، اينما وجد. وهي مناسبة لأوضح كذلك أنّنا لا نبتغي منه التأسيس لحالة حركيّة تنظيمية (مركز او فرع) هنا وهناك في المهجر، ولا نتطلّع إليه بأيّ منظارٍ ماليّ. فوجوهكم هي أثمن المُلكِ لدينا. 

فالغاية هي ما يعكس أنَّ بذورَ قضية المسيح التي غرستها فينا الحركة، وبها جمعتنا في رحاب كنيستِه، هنا في الوطن، تبقى متجذّرةً فينا وجامعةً لنا ومحصّنة لنا، وإن تفرّقت أماكن شهادتنا.

فهي تجمعنا بافتقاد كلّ منّا للآخر، ليس حصرًا، بل سبيلًا الى افتقاد كلّ أختٍ وأخٍ في الكنيسة، وتجمعنا بالتفاتِنا الى همومِ بعضنا البعض سبيلًا للالتفات الى هموم كلّ ابناء الكنيسة، وتجمعنا باحتضان بعضنا البعض سبيلًا إلى احتضان كلّ أخ في المسيح. وهي تحصّننا بأن تبقى مغذّية وداعمة وضابطةً لاستقامة حضور كل منّا الرعائي والشهاديّ أينما حلّ ووُجد.

ولعلّ الغاية الأكثر أهميّة هي ما يعكس أن بذورَ القضيّة التي غرستها فينا الحركة مذكّرةٌ لنا دائمًا ان انتماءنا للربّ، والى كنيسته الواحدة، هو فوق كلّ انتماء آخر وأقوى، وأنّ سرَّ الإخوة الذي يجمعنا في المسيح هو أوثق وأمتن من كلّ ما يفرّقنا. 

وهذا كلّه نرجوه ونتطلّع إليه، كما ألِفنا دائمًا، برعايةِ كنيستنا، وبركة رعاتنا.

وعلى هذا الرجاء، ونحن في هذا العرس الحركيّ، أرجو لكلَ أخ منكم الصحة والتوفيق وان تكونوا، وكل المختصين بكم، في عناية الربّ

وكل وعام وانتم بخير. 

 

 

  

المشاركات الشائعة