كلمة - افتتاح شارع كوستي بندلي في الميناء


رينيه أنطون - 2019

كلمة حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة                                                                     

في عُرفِنا، حينَ ينتَقِلُ الكبارُ إلى حيثُ يُقيمُهم الله لا يعوزُهم، بعدُ، تكريمٌ. فوجهُ الربِّ يملَؤهم وتكريمُه يُتخِمُهم. أمّا مَن عاصَرَهم، واستمرّ هنا. مَن تنعَّم بكُبرِهم، وتغذّى مِن فكرِهم، واغتنى بمعايَشَتهم، فهو مَن يعوزُ مدّ الأبناء، والآتي من سنين الحياة، بإثرِهم.

نَحنُ أيّها السادة مَن يحتاج حروفَ أفكارِهم وضياءَ سِيرَهم. نعوزُهما ممتدَّين، ليسَ إسمًا على حجارة الشوارع، بل نبتةً في العقولِ والنفوس وترجمةً في السلوك، ليُجمَّلَ بهما الزمَنُ الآتي وترتقيَ الأوطان وتؤنسَنَ المجتمعات وتُمسَحَ ظلمَةُ الجَهلِ وتُنارَ سبُلُ الأجيال.

كوستي بندلي، "زَعيمُنا" في الايمان والحبّ والالتزام والفكر والفلسفة والتربية ووجوه الحياة، والذيّ تُخلِّد الميناءُ مسيرَته في ذاكرتها اليوم، لم يعنِه، لحظةً، غيرُ هذا الامتداد لأنّه لم يهتَمّ لشأنٍ غيرَ الله وصورتِه في الانسان.

شغلَ كوستي بندلي الانسان. شغلَه في وجوهٍ لا حدود لها ولا نهاية.

عَناه تَحريرُ الفقراء والمُهمَّشين، ومَعه أنسَنةُ الظالمين. هذا ليُفرِحَ ربَّه ببَشرٍ مطبوعين بخِتم السماء ساعين، بالتخلّي والشركـة، إلى ملكوتٍ أرضيّ لا فقير فيه ولا جوعَ ولا ألم.

عَناه الالتزام، وقد شاءَه أثَرًا جميلًا يرشَح مِن مرورِ كلّ مولودٍ في العالم، مَسحًا للفراغِ والتفاهَة، ومِدماكًا في ما يقرّبُ الأرضَ ويصلُها بالسماء.

عَنَته العدالةُ بينَ الناس ليُعيدَ لله ما له. هالَه أن تُحكَم أرضٌ ووطن بالجَشَع والعُنفِ والظُلمِ والآحاديّة والانتهاش، وأُخِذَ بأن تُحكَم بالنُظم الفادية لشعوبها وروّاد الحقّ إرتكازًا الى التوزيع العادل لثروات الأرضِ، وما هي، في رؤيته، غيرُ خيراتِ الله الموضوعَةِ بتصرّف الانسان.

عناهُ التحرُّرُ من كلّ تعصّبِ فكريّ وحزبيّ وارتهانٍ طائفيّ، ليسَ شَغفًا بالتنوّع وانسحارًا بجمالاته في كلّ آخر وإنسانٍ وحسب، بل تحريرًا لله، أيضًا، مِن أسرِ المصالحِ الدُنيا له وصرخةً بمكانَتِه غايةَ سعيٍ وليسَ وسيلةَ كَسبٍ.

عنَته المرأة، وقد صاغَها حُبُّه رحِمَ إبداعٍ وخَلق، كَيانًا غيرَ مُشَيَّئٍ ومُقيَّدٍ بسلاسلَ الجسد، شريكًا كاملَ المسؤولية والمهامِ والحقوق والآفاق.

وعَنَته الحريّة والشباب.

راهَن كوستي بندلي على شبابٍ غيرِ مُرتَخٍ بِطاقاتِه وأوقاتِه ومواهبِه وعِلمِه على أرصفَةِ الضياعِ والاستهلاك. راهنَ عليه مُحَصَّنًا بالقِيَم، مُسلَّحًا بكتاب، عاشقَا للحرّية، قائدًا في ورشة التغيير والابداعِ الخلّاق.

حكايةُ كوستي، أنَّ غريبًا عن العالم مرّ يومًا في هذه المدينة. سكَن بيتَ حركة الشبيبة الأرثوذكسية، فيها، قُرب بيتِ الله. تلقَّح من "خِضرِها"، ووجوهٍ فيها، بمَصلِ الغوصِ في حقيقة الاله. كُشِف له كنزٌ، وهَبَه، بتخلّيه، إلى مَن صادَفَ وأحبَّ مِن أهل البيتء والرفاق، وعادَ من حيث أتى.

أمّا نحن، وتمثّلاً "بزعيمِنا"، نُهدي كنزهَ إلى كلّ الميناء التي أحبَّ ونُحِبّ. نُقدّم لشبابها كوستي بندلي، ليس إسمًا وزعيمًا كما يَعرِف الوطن من أسماءٍ وزعماء، بل وجبَة حبّ وفكرٍ، لؤلؤةً دونَ ثمنٍ، علّ بها يغتني ويَرتقي الشباب، ومَعه تنهَضُ المدينة، والسلام.    

 

 

 

المشاركات الشائعة