لا قيامـة هنا لأنّ لا موت

رينيه أنطون - سبت النور 2018


وفي صباح سبت النور كتَب جورج مسّوح مقالته الثانية من فوق:

أحبّتي...

أبشّركم. إعدادُ الفصح اكتمـلَ هنا، وها أهل السماء يتوافدون، الليلـة، بتهليلٍ الى حيث دعاهم الربّ.

ألمَح بينهم يوسفُ، الذي من الرامة، والأسقف الوافد جديدًا، الذي رسَمَه الروح أمس شيخًا للقدّيسين الجدد، وإسمه الحبيب يوحنّا الذي من اللاذقية.

هنا، أحبّتي، لا قيامة لأنّ لا موت.

لحظةَ يطأ أحدنا المكان يُرمَى في بركةِ فداء، فيُغسلَ ويَبزغَ جديدًا لا يَعرف ألماً أو زوال.

الفصحُ، هنا، عشاءُ سجود يُقام بدعوةٍ من الربّ. فيه تُمَدّون،أنتم، على مائدته رسومًا وحروفَ صلاة.

بدءًا، ننحني إلى المائدة إلى أن تَبرق العيون بوجوهِكم وتَلهث الألسنة بأسمائِكم. فالربّ، أحبّتي، يستَطيبُ الأسماءَ والوجوه. يستطيبُها حتّى أنّ لكلٍّ مِنكم، فيه، إسمٌ ووجه. الوجوهُ صورتي، هكذا يُتَمتِم، والأسماء عُشقي، بهذا، وهو على شرفة السماء كلّ ليلةٍ، يُدَندِن.

بانتهاء مراسم الانحناء، وفي وَمضةِ عُشقٍ، يدمعُ السيّد، ويَحتَجب، ليُشرِقَ وجهًا من أسمائكم وجسدًا من وجوهكم. حينها، نراه يجبلُكُم بلَدُنِه، يَمسَحُكُم بسائلٍ من خوابي روحه، يُعيدُكم، كما خلَقَكم، أوانيَ من نوره، ألوانَ ألوهةٍ وأشعَّةَ سماء.

بعدَها نراه ينثركم في الأرض. يُطلقكم إليها جُدُدًا حمامًا، شبَهًا للروح، ورسالته التي تحملون تقول: علَّكم تصيرون بها سماءً وتظفرون. علَّكم، أبنائي، بحرّيتكم هذه المرّة تعودون.

قبل ختم العشاء، يصفر الروح. نستقِم جميعًا، يعتلي الله المنبَر ويتلو شِعرَه فيكم. الله! يغنّيكم الربّ أحبّتي. يغنّيكم حتى تَعبَق السماء ببَخورٍ، طِيبٍ، ينتثر من فمه ويُمطِر على كلّ منّا عِطرَ أحبّته. حينها ننتشي ويُتَمَّم الفصح!

وبَعد، حكيت لكم فصحَ السماء لتَعرفوا فصحَ الأرض. لتُدركوا أنكم درّته وغايته، ولأجلكم كان هذا. أنكم حُلمُه وخَزنته التي فيها أودَعَ أعظم عجائبه وأثمنَ ودائعه.

فإن فتَحتم الأبواب حَقّقتم مُبتغاه، تفَّجرت القيامة فيكم وفاضَ نورها منكم، منكم أنتم، وأتممتم الفصح. إن فَتَحتموها تَفجَّرت فيكم ينابيع تجري وترسم سواقي الخلاص في أحياءٍ مُفتَدين. وإن لم تفعلوا فهذا شأنكم والحريّة التي أهداكم إيّاها دمُه. هذا ما قاله لنا دمعُه.

الفصح بلاغةُ الحبّ، فالله حَفَرَكم في جسده لتكونوا من نورٍ، شركاءَ الألوهة والانتصار. فلا تسخّفوا البلاغة، لا تُشيّئوا الحبَّ، لا تجمّدوا الحدث وتأسروه. بل حرّروه، حرّكوه، فجّروه فيكم، مدّوه، بكم، في مدى الكون لتروا، وأهل الأرض، كم جميلة هي السماء.

على هذا الرجاء أدعكم. وسلامٌ لكم، وللشيخ، من الكلّ هنا وبخاصّةٍ من ذاك المعلّم، المنتَفض على الجهل في المسيح، كوستي.

 

المشاركات الشائعة