ذكرى انتقال البطريرك هزيـم


رينيه أنطون - 4 كانون الأوّل 2018


التقيته للمرّة الأولى نهاية العام ٢٠٠٣. كان هذا لسبب انتخابي أمينًا عامًا لحركة الشبيبة الأرثوذكسية وطلبِ برَكته...

اللقاء الأول طال جدًا، ووجدت فيه، والأب عبدالله متى الذي رافَقني يومها، غيرَ ما أُشيعَ عنه وعُرِف. فالبُعدُ عن الوجوه غربةٌ عن الكيان، والقُربُ منها غوصٌ إلى الأعماق...

تعدَّدت اللقاءات، التي غرفت منها الكثير، والاتصالات الاستفقادية، واستمرّت حتّى انتقاله، ما بعدَ انتهاء فترة مسؤوليتي. ورغم أنّ نادرًا ما توافَقنا حولَ ما يخصّ الحركة، ورغم أزمات عدّة، المودّة كبُرَت ولم أشعر غير أنني كنت محمولاً دائمًا بمحبّته...

في كلّ ذكرى لانتقاله تَحضُرني هذه الحادثة المُلفِتة التي سبقت انتقاله بأسابيع قليلة:

في شهر أيلول من العام ٢٠١٢ واجَهنا في الحركة، مع غيرنا في الكنيسة، "بضجيجٍ وضراوة"، مشروعًا مُقتَرَحًا على المَجمع المقدس ويَحظى بتأييد قويّ منه بحيث أدّى الأمر الى سحب المشروع.

بعدها صرت استصعب لقاءَه والاتصال به تلافيًا للاحراج إذ كنت أتوقّع منه "الزعل" الشديد...

تلك الفترة بَلَغَني أنه سيتوجّه الى الولايات المتحدة لمدة أسابيع لاجراء بعض الفحوصات الطبية. تجرّأت واتّصلت. فاجأني بترحيبٍ مُضاعَف كأنَّ شيئًا لم يكن. كأنّه يعلن تعلّقه بالأثمَن، بالأبوّة. وقبل انتهاء الاتصال، وبعد أن تمنيت له الشفاء والعودة بسلامة سألته كالعادة:

"بتريد شي سيّدنا"؟

أجابني، للمرّة الأولى والواحدة طيلة كلّ هذه السنوات، بـ"نَعَم" !

أضاف: "بدّي منك تقول للشباب إنّو بطركهم عندو عينتين وهنّي عين منها، وأنا بحبّن وما بميّز بين عينٍ وعينٍ".

كان هذا الاتصال الأخير... 

المشاركات الشائعة