في ادارة المطران بولس بندلي

 رينيه أنطون - 5 آب 2018


نشرَ أحد الأصدقاء أمس تأمّلًا هامًّا جميلاً يختصّ بظاهرة المطران بولس بندلي، القدّيس في ضمير الشعب، الشَغوف بالفقراء.

هذا ما أوحى لي بالآتي:

الكلّ يعلم أنَّه كانَ رجل الله، العالِم في العِلم والحياة والايمان، وأن الفقراء سادوا على حياته حتّى لحظة انتقاله. فكانَ كلّ التخلّي لأجلهم. ما لا يعلمه كثيرون هو أنّ المطران بولس استلَم أبرشية عكار، مَطلع الثمانينات، أبرشيةً جرداء. لا وعي إيمانيّ فيها ولا حيويّة شبابية شاهدة ولا مؤسسات وموجودات ذات قيمة بمنظار البشر الاداريّ. جرداء حتّى من وسيلة نقلٍ آمنة لمطرانها وسريرٍ له مريح.

أمّا كيف أودَعَها بعد انتقاله الى رحمة ربّه؟ فَتعجّ بالوعي والحيوية الشبابية والروح الخادمة والمؤسّسات والمراكز الاجتماعية والموجودات الكنسيّة، وأبرزها واحدة من أهمّ المؤسسات التربوية في لبنان، تجهيزًا ونتائج. أضف مكانةً لكنيسة عكار لا يُتَقَدَّم عليها في ضمير أهل المنطقة كائنًا ما كان دينهم وانتماؤهم. هذا كلّه انما دونَ سرير مريح!

هذا ليس لأثمّن القيمة المعنوية و المالية الكُبرى لهذا الارث، فالربّ يثمِّن، بل لأبيّن، وبالمنظار البشري ذاته، أنّ ما يُذكَر بعض الأحيان عن ترفّع أو إهمالٍ للبُعد الاداريّ لدى هذا الرجل هو لغوٌ فارغ من الحقيقة وخيانة للأمانة التاريخية.

في أي حال المطران بولس هو مَن شاء التعب الأكبر الأطيب ثمرًا، تعب الحبّ. شاء ما لا يُرضي البشر بل الربّ. شاء أن يبسط أمامنا استقامة الادارة في الكنيسة. الادارة التي لا تُشغَل بتكديس الأوراق بل بأن تُعمَّد بخدمة الفقراء. الإدارة المُصانة بثقة الشعب برجال الله. الادارة التي تَبني الثروات من تراكم الحبّ وتفرش المال تحت أقدام المُهَمَّشين كي لا يُتلَف في الفراغ، ومعه تُتلف النفوس.

هو مَن شاء أن يصدّق الانجيل ولا يُصادق غير الربّ وباسمه، فأورثَ ما يفرح الربّ ومُحبّيه معًا. أما ما يُفرح الناس دونَ الربّ فلم يَعنِه. عَناه أن يكلّل رأسه بالشوك، كمعلِّمه، وليس بحجارة الأرض وإن وَمَضت. فَعَلَّنا نذكر ونكون أمناء!

 

 

المشاركات الشائعة