من وحي لقاء جبيل - لا مكان بعد اليوم

 رينيه أنطون - السبت 29 أيلول 2012

  

هزّت أقدامهم أرضها وصدحت أصواتهم في سماء قلعتها.
سألت المدينـة المنتصبة على أمجاد التاريخ: ما بال صخوري قد تزعزت؟
ما بال هؤلاء الذين يصعب أحصاؤهم؟ لماذا استباحوا شوارعي؟
على ماذا يغارون وبماذا يُجنّون؟
أجابتها السماء: هؤلاء قومٌ سحرهم ذاك الذي "قال دمه الحبّ"، وباتوا يغارون أن تُخدش تلك الخشبة التي سال عليها عرقه. باتوا يخافون أن يحمل الصليب، معه، غير القيروانيّ، وأن يكفِّن جسده غير الرامي.
باتوا يخافون أن يُرصّع جرحه بالذهب الأرضيّ ليحجب عن الصغار دم الفداء.
باتوا يخافون أن تُقطع يدا سيدهم كي لا يحتضنّن الكلّ.
هؤلاء، يا أجمل المدن جبيل، سمعوا، اليوم، أنين سيّدهم على كنيسته فهبّوا ولبّوا واستحالوا مجانين طاعة وحقّ.
وما زادهم جنوناً أن شفيع الفقراء بولس الرحوم وشفيع البسطاء الياس الراهب تقدّماهم، نعم تقدّماهم في لحظة الحقّ لأن حيث الحقّ تكون أحضان إبراهيم.
لهذا صرخوا ما سمعتهم يصرخون:
قمّ يا الله وأجعل من وجه كنيستك الوجه الأقرب إليك. قمّ يا الله ونّور العقول والقلوب قبل أن يحلّ يومك العظيم.
لأن لا مكان بعد اليوم في كنيسة الناصري لمن هو بين السماء والأرض.
لا مكان لمن يسعى إلى أن يكون الملكوت أرضاً بدل أن تكون الأرض، منذ اليوم، ملكوتاً.
لا مكان لمن يستبدل المغارة بالقصور والرعاة بالملوك.
لا مكان لمن يستبدل صدارة الفقراء بالأغنياء
لا مكان لمن يخجل ببساطة الانجيل
هؤلاء المجانين الذين استباحوا شوارعك اليوم هم، يا أجمل المدن، شباب أنطاكية
هذه الأنطاكية تأكّدت أنها بألف خير، وأن كلّ ما وشّ في أذنيها كان نميمة وكذباً
فحركتها باقية ومتألّقة، وشبابها وشاباتها وشيبها على اصالتهم واخلاصهم وجرأتهم.
كلّهم أتوا إليك ليقولوا أن ما يمكن أن يخدش الههم لن يمرّ وعادوا الى سفح الجلجلـة يحرسون الفداء،
عادوا بعد أرّخوا أن اليوم هو السادس عشر من اذار المستمر الى الأبد.
__________
* المزيد عن "مشروع الهيئة المدنيّة" في قسم الفيديوهات
 

المشاركات الشائعة