تقرير الأمين العام - المؤتمر الحركيّ 2010

رينيه أنطون - المؤتمر 42 


مرّة أخرى يسمح الله أن نلتقي لأجل إعلاء شأنه القدّوس في حياتنا وحياة كنيستنا، فنجتمع بهمّ أن نرسّخ هذا الهاجس في قلوبنا وعقولنا وفي ضمائر الأجيال الكنسية اللاحقة. لذا أشكر الربّ على نعمه جميعها وخصوصاً على سماحه بهذا اللقاء الذي يقوّينا ويُثبّت كلاً منّا في التزام مسيحه ومحبّته والفرح الحقيقي به. هذا الفرح، الذي لا يخبو مهما بلغت بنا الضعفات وثخنت الجراح التي تّمعن نهشاَ في جسد الربّ، هو ما يُقيمنا، معاً، في هذه الحركة، في الموقع الأصحّ الذي فيه نلاقي مسيحنا لنكون، مع كنيسته،كما يشتهي هو أن نكون. لنكون، في كنيسته ومعها، رُسلَ حضوره بيننا وجماعةً واحدة تحيا بفضائله وتلتصق بنور كلمته وتُحيي العالم به. فهذه الرحم الحركيّة، التي تجمعنا، اليوم، في المسيح، ومنها دُفعنا إلى يديّه الحاضنتين الممدودتين على الصليب، أفهَمتنا أن المعمودية حياة ممدودة فيه وبه ومن أجله. ولكوننا على هذا الفهم شُغلنا بأن تسود مشيئة الله في كنيسته ونتأهّل، نحن، به، لخدمة هذه الغاية، وهُممنا بألا يُبعد شأن حياة الكنيسة عن الكلمة الالهي ونقاوته ووهج قيامته، وعاهدنا الربّ التوبة إليه وألا نرتاح قبل أن يرتاح، هو، في بيته وعائلته.


الشأن الكنسيّ

أنطلق من هذا الهمّ الذي طالما شغل مساحة كبيرة من حياتنا الحركية منذ عقود وإلى اليوم. ولأننا رأينا أنّ الأسباب التي  تُبعد الله عن الكنيسة المؤسساتية الأنطاكية، وتجعلها أقرب إلى جمود الموت، وتؤول بها رهينة لكلّ ما لا يُرضي الله ما زالت تتفاقم، توسّعنا، في مؤتمرنا العام الماضي في بحث ما تقتضيه مسؤوليتنا عن النهوض بهذا الواقع، على الصعيدين الداخلي والرعائي. وكان أن أوصى المؤتمر، في الشقّ الرعائي، بإطلاق حوار مُباشر صريح مع القادة الكنسيين حول هذه الأوضاع لتبني الأمانة العامّة توجّهاتها ارتكازاً الى نتائجه.

 لقد أتيح لنا، في الأشهر الأخيرة من العام الماضي، والأولى من هذا العام، ان نلتقي، بشكل رسميّ إذا جازت التسمية، غبطة البطريرك وأصحاب السيادة مطارنة حماه وحمص والأرجنتين. كما أتيح لي القيام بعدة لقاءات واتصالات بصاحب الغبطة وأصحاب السيادة مطارنة حوران، عكار وطرابلس. إن الانطباع الذي ما زال يتكوّن لديّ ولدى أكثر الأخوة في الأمانة العامّة، الناتج عن مُعظم هذه الحوارات وعما أصاب حياتنا الكنسية في الأشهر الأخيرة، وخصوصاً منه أزمة حلب، هو أن الشرخ في المفاهيم التي بها تُدار حياتنا الكنسية، وما يُرتجى لها من دور، اليوم، ومُقتضيات استقامتها وشهادتها وحيويتها، يزداد جدّاً، إلى حدّ يرتجي معه كلّ مُخلص لكنيسة الربّ ألا تُصاب وحدة الجماعة بسببه.

أيها الأحبّة، في تقييمي أننا، اليوم، في صلب أزمة كنسية مفتوحة لا يُلحظ في الأفق ما يُمكن أن يضع حدّاً لها غير أن يتدخّل الله مُباشرةً متخطّياً  ضُعفنا وضُعف كلّ المعنيين صوناً لسلامة كنيسته. وأول ما يتطلّبه الأمر منّا وأهمّه أن يحضر الشأن الكنسيّ في صلاتنا اليومية، الشخصية والجماعية، وأن نبحث في ما يجعل هذا الشأن يكتسب، من الآن ولاحقاً، موقعاً أولّياً متصدّراً، ليس في وسطنا وحسب، بل لدى كلّ من يحبّ يسوع المسيح ويُعنى به ويُسأل، بشكل أو بآخر، عن شؤون كنيسته. إن أسباب هذه الأزمة، وإن تعدّدت أو تداخلت، أرى أن أهمّها يُختصر في سببين إثنين يُبرزان كثيراً من التداعيات التي تحوط حياة كنيستنا وتسود فيها وهما: التفلّت من القوانين الكنسية، وأن فكراً إكليريكانيّاً يتصدّر، أكثر من أيّ وقت مضى، لدى شريحة لا يُستهان بها من رعاتنا، يمنح الكهنوت الوظيفيّ الكثير ممّا ليس له، وحده، ويعلو به فوق سائر المواهب الكنسية الأخرى ما يوليه حصراً المسؤولية عن الكنيسة وفيها. كما يُجرّد هذا الفكر، في آن، المواهب الأخرى من حقّ تفعيل معموديتها التزاماً، دوراً، مسؤولية وشهادة ما يُعطّل، عمليّاً، على الكهنوت الملوكيّ أن يكتسب مداه الفعليّ والتأثيريّ في كنيسة يسوع. إن هذين السببين أرخيا مظاهر وتأثيرات أذكر منها الأخطر وهو: 

-النظرة المُجتزأة للتكريس التي تشترط عليك، تتمّةً لالتزامك الربّ ومَلئاً لمقتضيات بنوّتك له، التكريس الاكليريكيّ أو الرهبانيّ. وبغضّ النظر عن تعبير، أو عدم تعبير، الكثير من رعاتنا نظرياً عن هذه النظرة، فإن تعاطيهم العمليّ وموقفهم تُجاه الأبناء والآباء، وآراءهم وتوجيهاتِهم، إذا وجدت، توضح لكلّ متعاط بالشأن الكنسيّ هذه النظره وتُشعره بالتمييز الناتج عنها. 

-العبث بحريّة المؤمنين والتشكيك بإخلاصهم وتهميش طاقاتهم ما لم أقلّ تحقيرها. وأدرج في هذا السياق ما شهدناه في أبرشية حلب وما ورد في بيان المجمع المقدّس وقراراته حول هذا الموضوع وما نُلاحظه من إصرار على استبعاد العديد من الطاقات اللاهوتية والفكرية العلمانية عن مواقع تعليمية كنسيّة. وأيضاً عدم الارتياح، الذي بات جلياً، لوجود الحركة خارج الاطار التنظيميّ المؤسّساتي للكنيسة، ورفض حريّتها في العمل والمُبادرة وأيّ تأثير ودور لها في القرار الكنسيّ، والمعاناة الحركية المتعدّدة الأوجه والأمكنة.

-إهمال استكمال تنفيذ قوانين المجالس الرعائية التي هي بمثابة مدى مُشاركة المؤمنين وفُسحة إنخراطهم في بنيان الجسد الكنسيّ، وما نتج عنه من سوء تعاط وبُعد وطلاق في المُشاركة بالمسؤولية بين القادة الكنسيين وشعب الله.

-التنكّر للشورى ولكلّ بُعد جماعي ما أدّى إلى تحكّم الأمزجة الشخصية والارتجال والتفرّد وضيق الآفاق الايمانية في قرارات ومُبادرات تخصّ حياة الكنيسة وتؤثّر في مسارها ومُستقبلها لعقود طويلة قادمة.

-الجمود والضعف الرعائي وهزالة الحضور الأنطاكيّ في الصعد الأرثوذكسية والمسكونية كما هزالة الحضور الشبابيّ في حياة الكنيسة.

أيها الأخوة، هذا يكفي ليتأكّد كلّ منكم أن كنيستنا، بواقعها المؤسساتي هذا، تواجه عجزاً عن البشارة والرعاية والشهادة ومواجهة التحدّيات الجمّة التي تواجه أبناء الايمان. ويكفي،كذلك، ليكشف لكم حجم المسؤولية المترتبّة على كلّ الكنسيين لاخراج حياة الكنيسة الأنطاكية من مأزقها. وقد بات في يقيني، اليوم، أن الاكتفاء بالنشر التعليمي والاعلامي الموضح لماهية الكنيسة ودور المواهب ومحورية المحبّة والقوانين والمُشاركة فيها، وهي العناوين التي تندرج تحتها مُواجهة هذه المظاهر وسبباها، لم يعد كافياً. في أيّ حال لقد تناولَت معظم تقاريري السابقة، وتقارير الأمناء العامّين السابقين، هذا الموضوع، وفاض أدبنا الحركيّ، منذ التأسيس وإلى اليوم، بما يُعلّم ويوضح وينقل هذه المفاهيم. كما حمل العدد الخاص بأزمة أبرشية حلب من مجلة النور، والعدد الذي تلاه، ما يتناول جوانب كثيرة منها، وورد في بعض ما كتبه  الأب توما بيطار، في الأشهر الأخيرة، ما يختصّ ويعلّم بها أيضاً. ، وأُضيفَ إلى هذا كلّه اليوم الورقة الغنيّة التي أعدّها الأخ إبراهيم رزق حول موضوع "المجالس والمُشاركة"، ووثيقة قيّمة كتبها الأخ ريمون رزق بعنوان "كهنة وعلمانيّون" وزّعت عليكم اليوم وستُنشر في العدد اللاحق من مجلة النور خلال أيّام. هذا علماً أن "من له أذنان للسمع" يكفيه، برأيي، الاستماع إلى صوت الرسول بولس في رسالته إلى أهل روما يقول: "فكذلك نحن في كثرتنا جسد واحد في المسيح لأننا اعضاءُ بعضنا لبعض. ولنا مواهب تختلف باختلاف ما أعطينا من النعمة: فمن له موهبة النبوءة فليتنبأ وفقاً للايمان، ومن له موهبة الخدمة فليخدم ومن له التعليم فليعلّم ومن له الوعظ فليعظ...". وتجنّباً لجنوح أيّ كان الى حصر كلّ موهبة من المواهب الكنسية بفئة إكليريكية أو علمانية، يكفي لتحصيننا، جميعاً، من هذا الجنوح ما أوضحه الرسول في رسالته الى العبرانيين من أن النموّ في الايمان يصير بالمؤمنين معلّمين: "كان عليكم أن تستفيدوا من الزمن فتُصبحوا مُعلّمين". لذلك أكتفي على صعيد التعليم المتعلّق بهذا الشأن بأن أقترح، إتماماً للسعي وتثميراً للجُهد في وسطنا، أن تُرسل الأمانة العامّة وثيقة "كهنة وعلمانيّون" الى السادة أعضاء المجمع المقدّس، وتطلب من الفرق الحركية دراستها. لكنّ، وبصدق، أعجز عن الجواب عمّا يمكن أن يُساهم في تغيير واقعنا الكنسيّ غير التدخّل الالهي وأن يُشكّل رفض الشعب الكنسيّ، الحاضر في حياة الكنيسة، أيّ رفض الجماعة الكنسية المُعبّر عن ذاته بشكل عمليّ، عاملاً ضاغطاً على المعنيين به. ولهذا الأمر مقتضيات منّا. 



الحضور الرعائي


فإن اعتبرنا أن انعقاد اللقاء الرعائي غداً يُشكل باكورة تحرّك نأمل، إن تتابع وأُستكمل، أن يساهم بمعالجة أحد جوانب هذا الواقع، الذي هو جانب القوانين والمجالس الرعائية، يبقى علينا ما يتعلّق بمعالجة سائر الجوانب الأخرى. وهنا لا أخفي عليكم قناعتي الراسخة بأن ما يمكن أن يؤثّر في حياة كنيستنا ويسير بها الى الأمام بات يصعب الوصول إليه، في المدى القصير، دون إشراك سائر شرائح الشعب المؤمن والأديار في المواقف والخطوات المرجوّة. هذا ما يدعونا، على الصعيد الشعبي، إلى خلق أطر تواصل وحوار نحمل من خلالها هذه الهموم الى كلّ الناشطين في الاطار الكنسيّ، الكهنة والجمعيات والمؤسّسات والمجالس الرعائية القائمة والمُصلّين. هذا دون أن ننكر كمّ أهملنا التوجّه لهذه الشرائح والحوار معها حول ما يَشغلنا ويَشغلها. وقد أكّدت لي مواكبتي لأزمة أبرشية حلب أن مستوى تواصلنا مع المؤمنين ليس بالحجم المرجوّ. لذا  أدعو  المؤتمر إلى أن يوصي بما يلي:

أولاً: أن تبادر مراكز الحركة وفروعها الى تقييم جِدّي لعلاقتها مع سائر الشرائح الأرثوذكسية في الرعايا والأبرشيات وتولي التواصل الدوري معها حول الشؤون التي تهمّ الرعية والأبرشية أهميّة مُستمرّة على أن يكون لكلّ مركز وفرع حريّة تحديد الاطار المُناسب.

ثانياً: أن تُصدر الأمانة العامة خلاصة قراءة موجزة للحالة الكنسية تُخصّص، لغةً ومضموناً، لوضعها بمتناول هذه الشرائح على أن تبحث في اولى اجتماعاتها الاطار الأنسب لايصالها والاستماع الى الآراء حولها ونقل هذه الآراء الى الأمانة العامّة.

ثالثاً: أن تقوم الأمانة العامّة بعد نحو ستة أشهر بتحديد خطوات لاحقة تساهم في مزيد من إشراك الشرائح الأرثوذكسية في الشأن الكنسيّ في ضوء نتائج الخطوات الأولى والتفاعل معها.

أمّا على صعيد الأديار، فلا شكّ أن لكلّ منها موقفه وقراءته للشأن الكنسي وللحركة، بواقعها ودورها اليوم. وقد أتيح لي، عبر اللقاءات والاتّصال مع رؤسائها، أن أستمع الى بعض هذه المواقف. فبغض النظر عن المضمون، الايجابي أو السلبيّ لتلك المواقف أرى ضرورة أن تعقد الأمانة العامة اجتماعات لها في الأديرة، على أن يُخصّص الاجتماع في كلّ منها حصراً للاستماع الى ما يقوله رؤساء الأديرة في الحركة ودورها اليوم وإسماعهم رأي الحركة، والحوار والتنسيق معهم بشأن الوضع الكنسيّ وما يعتريه، على أن تضع الأمانة العامّة آلية مُتابعتها لنتائج هذه الاجتماعات في ضوء ما يُسفر عنها.

 يبقى في الشأن الكنسيّ، يا أحبّة، ما يخصّ موضوع الحركـة وحرّيتها وعلاقتها بالرئاسة الكنسية. لقد سبق لي أن نقلت لكم التوجّه السائد لدى بعض رؤسائنا الكنسيين، ومنهم صاحب الغبطة، القائل بضرورة إيجاد صيغة تعكس ارتباط الحركة تنظيمياً بالجهاز الكنسيّ. وقد شكّلت أزمة أبرشية حلب مُناسبةً لإعادة الترويج لهذا الطرح كسبيل لتلافي نشوء أزمات مماثلة في أماكن وفترات أخرى. وكان، حتى اليوم، أن شكّل رفضنا لتخلّينا عن حرّيتنا الحركية سبباً لبعض الرؤساء لتنشيط سعيهم إلى تهميش دور الحركة وتأثيرها وضرب مرجعية الأمانة العامّة التنسيقية الموحِّدة للعمل الحركيّ على الصعيد الأنطاكيّ. فكان أحد وجوه هذا السعي تحضير وعقد ما سمّي بلقاء الشباب السوري مع صاحب الغبطة حيث كان لمتابعتنا له وللأخوة في سوريا، وخصوصاً منهم، الأخوة في دمشق واللاذقية دورٌ ملحوظٌ مؤثّر في تلافي صدور أي نتائج سلبية عنه. ومن الوجوه الأخرى ما جرى في المجمع المقدّس إبان أزمة حلب وتجاهل الاستماع "رسمياً" الى وجهة نظر الحركة بهذا الموضوع. ولا بدّ لي هنا من أن أشير إلى أن حتّى محاكمات الرسل أمام الولاة الرومان كانت لا تتمّ قبل حضورهم والاستماع إليهم، "... فاستدعى بولس واستمع إلى كلامه عن الايمان بيسوع المسيح" (أعمال 24: 24). وأخيراً شكّل رفضنا، أيضاً، داعياً لغبطة البطريرك لمزيد من عدم التجاوب والتفاعل مع أيّ خطوة نقوم بها أو رأي نتقدّم به.

  

حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة

يا أحبة، لا أشكّ بأن ما توحي به الحياة الحركية المحلّية من كون إهتمامات الحركـة وإنشغالاتها تنصبّ وتُحصر بالتعليم الديني هو سبب عمليّ من أسباب هذا الطرح الذي ينمو في أذهان بعض القادة الكنسيين. خصوصاً وأن مُعظم هؤلاء القادة يعتقدون بأن تغييراً جذرياً طال واقع المؤسسة الاكليريكية لجهة الامكانات العلمية واللاهوتية. وهذا طبعاً أمرٌ صحيح وإن كان التقييم الموضوعي لواقع المؤسسة الاكليريكية يجب ألا يرتكز فقط إلى هذه الامكانات المتوفّرة فيها بل أيضاً إلى ما تعكسه للناس من  محبة وأمانة وإخلاص للكلمة الالهي. لكن ما لا أشكّ به كذلك هو أن السبب الأساس والأعمق الذي يقف، برأيي، خلف هذا الطرح هو محاولة تدجين الحركة وشطب هويتها النبوية بغض النظر عن حجم ما تعكسه حياتنا الحركية اليوم من هذه الهوية. لأن أحداً لا يجهل أن للحركة، أقلّه، بعض التجلّيات على هذا الصعيد من حين الى آخر، ولأن الكثيرين يخافون الحريّة الكنسية. الحركة، يا إخوة، لديها مهمّتان أساسيّتان. المهمة الارشادية الهادفة الى بناء أبنائها في المسيح وقيادتهم إليه، والمهمّة النبوية الهادفة الى إعلاء شأن المسيح في كنيسته وإعلان إرادته. 

 من هنا أرى أنّ ردنّا الجذري على أيّ طرح يتعلّق بحريّة الحركة ونبويتها يكون، أولاً، بإعلاء شأن الهوية النبوية في الحركة وجعل حياتنا الحركية عاكسة بأمانة، وبالقدر الذي يجب، هذه الهوية. ففي هذا الشأن أقترح أن يوصي المؤتمر الأمين العام بالمُبادرة الى إيجاد الاطار الذي يراه ملائماً مُستعيناً بمن يراه مناسباً من الأشخاص لتقييم دور الحركـة وشهادتها عبر سبعين عاماً من الوجود وصياغة ما يُرجى لها من دور نهضويّ اليوم، وفي المُستقبل، على ضوء الواقع الكنسي المُحيط بها والتغيّرات التي تُلحظ فيه، بإيجابياتها وسلبياتها، على أن تدرس الأمانة العامة نتائج هذا التقييم وتضع الخطوات التنفيذية لتثمير وتنفيذ ما تتبنّاه منها في حياة الحركة على الأصعدة كافة. وإجلالاً لموقع البطريرك واحتراماً لرايه وتوجيهاته، أرى أن يزور غبطتَه وفدٌ حركيّ، يضمّ الأمين العام والأمناء العامين السابقين، لابلاغه بمقررات المؤتمر وتوجّهاته وبموقف الحركة البنويّ، الواضح والصريح، عبر مؤتمرها الثاني والأربعين هذا، المتشبّث بحريّة المُبادرة لديها، وذلك إرتكازاً إلى تعليم كنيستنا وما سبق ذكره أعلاه، وتحديداً ارتكازاً إلى ما سطّرته الأمانة العامة للحركـة، بهذا الشأن، في رسالتها المُهمَلة الى المجمع المقدّس في العام 2004، والذي أعدت الاشارة إليه في مؤتمرنا التاسع والثلاثين والقائل: "بأن العلاقة مع الأسقف مستمدّة من علاقة المسيح بالكنيسة. والأسقف رأس الجماعة بمعنى أنّه يرمز إلى مقام المسيح في جماعته ولا يحلّ محلّه. وتتأصّل خدمة الأسقف في لاهوت المواهب حيث تقوم موهبته، أساساً، في إمامة الجماعة في الاجتماع الأفخارستيّ وما يتبعه من تعليم وسهر على استقامة الرأي ورعاية المواهب الأخرى وإظهار وحدة الجماعة الغنيّة بنعم الروح. لذا فإنّ الرئاسة الكنسيّة، متميّزة، جذريّاً عن الرئاسة الدنيويّة، وهي لا تحقّق هذا التمايز إلاّ إذا خدمت وحدة الجماعة ضمن التنوّع المواهبيّ. فإذا إنطلقنا من قاعدة رئاسة الأسقف ضمن وحدة الإيمان والتنوّع المواهبيّ، نكون قد وضعنا الأمور في نصابها الأرثوذكسيّ، وخرجنا من دائرة التساؤلات غير النافعة: من يُصدر الأوامر، ومن ينفذّها؟ ممّن يتلقّى المؤمنون أوامرهم؟ هل يأخذون إذناً مسبقاً للعمل الشهاديّ أم لا؟ هذه عبارات تعكس مفهوماً دنيويّاً للسلطة، لا علاقة له بموهبة الأسقف "المترئّس بالمحبّة" في الكنيسة".

 

حياتنا وتربيتنا الحركيّة

هل لواقع حياتنا الحركية علاقة بما هي عليه حياتنا الكنسية؟ سؤال لا يجوز أن نستسهل الاجابة عنه بما يُغطّي تقصيرنا ويُريحنا. أقلّه لناحية الارتباط الوثيق بين أوضاعنا الحركية وأن يكون لطروحاتنا وقع جدّي وفاعل لدى الرعاة، وما يُرتجى منّا لتحصين الحياة الكنسية بكهنة وأساقفة على قلب الله. هذا يُنبّهنا إلى كمّ نحن مُطالبون بإيلاء موضوعيّ التكريس الاكليريكيّ وجدّية الالتزام، في وسطنا، اهتماماً، فنحن مُطالبون أقلّه، بأن يُلحظ في حياة كلّ منّا الشخصية، وحياتنا كجماعة، ما نُطالب الآخرين به.

 صحيح أن بعض الرعاة يُخطئون باجابتهم عن كلّ طرح لنا أو نقد بسؤال مفاده أين الشباب الحركيّ في معهد القديس يوحنّا الدمشقي اللاهوتي؟ والمقصود بسؤالهم، طبعاً، أين الشباب الحركيّ الذي يتأهّل للتكريس الاكليريكيّ، نظراً لحاجة الكنيسة إليه. هم مُخطئون لأن سؤالهم رميٌ للمسؤولية على الآخرين وتبريرٌ للتقصير والتخلّي عن المسؤولية الرعائية الأنطاكيّة العاّمة والتهرّب من المُساءلة والحثّ على التوبة. لكنّني لا أنكر أن تساؤلهم يضعنا أمام مسؤولياتنا أيضاً. فإن لم تستمرّ الحركـة جماعة حاضنة، مُنمّية لحسّ هذا التكريس ودافعة باتّجاهه، أيّ مُربّية، مُشجّعة وفارزة لمكرّسين إكليريكيين، فعلى منّ يُتّكل بهذا الشأن؟ سؤالي منبعَه إيمانيّ أننا إن شئنا ان نفرح بواقع كنيستنا يوماً فلا سبيل إلى ذلك إلا برعاة سبق لهم أن اختبروا محبّة الربّ ورعايته في جماعة رعائية تلتزم المسيح. والحركـة هي أحد أمكنة هذ الاختبار على رجاء أن لا تكون المكان الوحيد.

إن تشجيع التكريس الاكليريكيّ لا يمكن أن يكون، برأيي، وليد خطّة خاصّة وتوجّه مرحليّ. إنّه وجه من وجوه عديدة للتكريس تّفرزها، بحسب مواهب الأشخاص، طبيعة الحياة الحركية إن استقامت. وهذا لا يعني أن ما من خطوات علينا أن نبادر بها لتعريف من تُلحظ لديه الموهبة والرغبة بهذا الوجه من التكريس بالمزيد عنه وتسهيل الدرب أمامه. فأرى ضرورة أن تُكرّر الأمانة العامّة سعيها لإقامة لقاء سنويّ في معهد القديس يوحنّا الدمشقي، يتخلّله إقامة مؤقّتة للمُشاركين من شباب الحركة في المعهد ومُشاركة في حضور بعض الحصص التعليمية. وأرى أهميّة لأن تُبادر مراكز الحركة الى تأمين الدعم الماديّ لكلّ من يحتاجه من الأخوة المتوجّهين الى الدراسة اللاهوتية والتكريس الاكليريكيّ تخفيفاً للصعوبات الماديّة أمامهم وتلافياً لأي شأن، على هذا الصعيد، قد يُعيق توجّههم. ويمكن للأمانة العامّة تغطية جزء لا يُستهان به من أعباء هذا الدعم بحسب الحاجات الفعلية حينها.

أمّا حياتنا الحركيّة فقد ألفنا البحث بما يمدّها بمزيد من الاستقامة والوهج في كلّ اجتماع ومؤتمر وبتنا نُكرّر المُكرّر. فإنطلاقاً ممّا عاينته في لقاءاتنا المُشتركة من تواضع المعرفة وضعف وعي الهوية لدى شباب حركيّ كثير، ومن ضعف تجاوب المراكز ومُشاركتها في اللقاءات العامّة هذا العام، وتذمّر شريحة لا يُستهان بها من شبابنا من ضيق فسحة الحريّة والمُشاركة الممنوحة له، دعوني، اليوم، أدعوكم  إلى أن نحسم حقيقة قناعاتنا بأولوية ما نُقرّه في اجتماعاتنا ومؤتمراتنا العاّمة واستعدادنا العمليّ، لا النظريّ، لترجمة هذه الأولوية. ومدخلاً الى هذه المُصارحة أوجز لكم، بتصرّف، أهمّ ما سبق وقرّرناه في مؤتمراتنا الحركية منذ العام 2003 وحتّى الأمس، المُتعلّق بالارشاد والتربية لدينا، لتقوّموا أنتم ما عملتم على تنفيذه منه.

لقد نادينا بضرورة تعاطي المرشدين والأعضاء مع الأدب النهضوي والاوراق الحركية ومجلة النور وإدراج أجزاء من الاصدارات الحركيّة في برامج الفرق الحركية، وإحياء والخلوات والحياة الصلاتية والاضاءة على محورية سرّ التوبة في إيماننا، وبحث القضايا الانسانية والمُجتمعية الكُبرى في الأطر الجامعيّة، وإعادة النظر بتكوين الفرق الحركية قياساً على عدد المُرشدين المؤهّلين حيث تدعو الحاجة، وإدراج سبل تنفيذ مقرّرات المؤتمرات الحركيّة العامّة كبند أساسيّ في برامج عمل المؤتمرات الداخلية. كذلك شدّدنا على أهمّية إعتماد النهج الحواري مع الشباب وإيلاء هواجسه إهتماماً وإفساح المجال أمامه لمزيد من حرّية المُشاركة والتعبير عن آرائه واقتراحاته والتفاعل مع فكر الحركة وحياتها، وتكثيف التعاطي الفكريّ والثقافي في الحركة والمُبادرة الى أنشطة على هذا الصعيد بحسب حاجة المُحيط واهتماماته، والاضاءة على الاصدارات الحركيّة الجديدة وحثّ الشباب على قراءتها والمُساهمة في الكتابة فيها، ولمسنا الحاجة الى تقييم خبرة نظام الفروع وإتّفقنا على الانطلاق به.   

 يا أحبّة، قدر ما أؤمن بأن التزامنا هذه التوجّهات ينتقل بحياتنا الحركية من ضفّة إلى أخرى أكثر تألٌّقاً وإثماراً، أدرك، أيضاً، حجم الأعباء التي تترتبّ على القادة المحليين وتُعيقهم عن إيلاء هذه التوجّهات ما تستحقّ من الصدارة الاهتمام. غير أن الظرف الكنسيّ، الصعب والدقيق جدّاً، الذي يُحيط بنا يرهن بقاء حركة الشبيبة الأرثوذكسية أملاً، دائماً، لكنيسة الغد، وبالتالي رسوخَها في أصالتها النهضوية، بوعي كلّ مسؤول حركيّ، أينما وُجد، مُقتضيات مسؤوليته كلّها وأولوياتها. ولهذا، إضافةً الى التذكير بما سبق أشارككم بما يلي:

 أولاً، إن تربية شبابنا على الآفاق والثقافة والاهتمامات الكنسية والحركية والشهادية العامّة، وتحلّيه بها، يَصقل أهليته لأيّ مسؤولية محلّية بمزيد من رحابة الالتزام والفكر والبُعد الوحدوي والشهاديّ بتنوّع أصعدته. وهو الأمر الذي يكشف أمامه السبيل، إذا شاء وأُعطي، لأن يُمسي يوماً قامةً كنسية نهضوية على غرار ما عرفنا ونعرفه من قامات، ويُكثر من المؤهّلين منه للمسؤوليات العامّة والتأثير، ويُساهم، في آن، في عجن الواقع الحركيّ المحلّي بخمير الوحدة وسعة الآفاق والروح الشهادية. وقد أثبتت خبرة الحركة، عبر تاريخنا، أن مُبادرات الأمانة العامّة ولقاءاتها ساهمت كثيراً في هذه التربية حتّى أن الأخوة الذي ثبتوا في التزامهم الحركيّ وأُهّلوا للمسؤوليات الحركية الكُبرى إنمّا ينتمون، بمعظمهم، الى تلك الشريحة التي شُهد لها بمشاركة ناشطة في هذه اللقاءات. فخطأٌ أن نظنّ ونشعر ونتصرّف وكأنّ تضاداً يقوم بين ما تبادر إليه الأمانة العاّمة ومُقتضيات العمل الحركيّ المحلّي ما يدفعنا إلى أن نولي الأولوية، دائماً، لتلبية هذه المُقتضيات.

فشكواي، بهذا الشأن، وباستثناء لقاء الثانويين السنويّ، أن المُشاركة في الحلقات الارشادية المُتعدّدة، التي أقمناها هذا العام، والحلقة التمهيدية للحلقة الدراسية والحلقة الدراسية واللقاء المركزي لأعضاء الفرق المركزية والحلقة التحضيرية للمؤتمر التربوي ولقاء الجامعيين السنوي واللقاءات والاجتماعات الاعلامية التدريبية والتنسيقية واجتماعات المُنسّقين لم تكن مُشجّعة رغم الجهد الكبير الذي بذله المسؤولون عن المُتابعة والتواصل. وكذلك فإن نقل هموم الأمانة العامّة الى الأعضاء والسعي الى تكثيف تعاطيهم معها كان غائباً عن اهتمام معظم المراكز. وفي شأن مرتبط لمّا أنّجزت الأمانة العامّة ما يتعلّق بها بخصوص تقييم خبرة نظام الفروع التي دعا إليها مؤتمرنا الأخير، ووضعت ورقة الأسس التي يجدر الارتكاز إليها في هذا التقييم، فإن مواكبة المراكز لهذه الخطوة اتّسمت بالتباطوء باستثناء خطوة أولى قام بها مركز البترون. هذا علماً أننا، على صعيد الأمانة العامة، قد قصّرنا في استكمال التحضيرات لعقد المؤتمر التربويّ هذا العام لأسباب تتعلّق بالظروف الشخصية للمسؤول عن متابعة هذا الملف وبانشغالنا، في الأشهر الأخيرة، بمواكبة أزمة حلب وما تداعى عنها. فما أرجوه، خدمةً لحياتنا الحركية، أن تُبادر مراكزنا، مباشرة بعد انتهاء اعمال هذا المؤتمر، الى عقد مؤتمر داخلي استثنائي تُخصّصه لدراسة ما يتعلّق بها من توصيات وقرارات مؤتمراتنا العاّمة، وسبل تنفيذ ما أمكن منها، وأقلّه، الموجز المذكور أعلاه، إضافةً الى ما سيصدر عن هذا المؤتمر. 


الشخص والجماعة

ثانياً، "وأما المحبَّة الأَخَوِيّة فلا حاجةَ لكم أَنْ أَكتب إِليكم عنها، لأَنَّكم أَنْفسكم مُتعلِّمون من اللهِ أَن يُحبَّ  بعضكم بَعضاً". يُذكّرنا هذا القول للرسول بولس في رسالته الأولى إلى تسالونيكي أننا، أساساً، جماعة إخوة. والأخوّة، تسمو كلّما نهجت في المحبّة ووفقها. فكلّ الأنظمة والقوانينن والصلاحيات المُستمَدّة منها، تتفه، في رحاب الجسد الكنسي، أمام نظام الفداء الذي استحال بمسيحنا، رأس الجسد والكلّ في الكلّ، ذبيحةً من أجل خلاصنا. لهذا يا أحبّة، والكلام أوجّهه لنفسي اولاً ولكم ثانياً، وجب علينا تجنّب كلّ منحى تسلّطي يترافق مع قيادتنا للحياة الحركية يحدّ من الشورى في وسطها ويُقيّد خطوات الشباب ويُقنّن الكثير من حرية المبادرة والانفتاح لديه، لأننا بهذا نحدّ من حركة نموّه في المسيح ونُعطّل، بالتالي، أسمى أهداف مسؤوليتنا، ونناقض قول الرسول: "حيث روح الربّ هناك حرّية". فغاية القيادة في الحركة أن تصل بالأخوة، وتصل هي معهم، الى "قامة ملء المسيح"، لا أن تصل بالمؤسّسة، وإن جُرح الأشخاص أو هُمّشوا، إلى حيث تكون المؤسسات. فلنتذكّر، دائماً، أن خلاص الشخص والجماعة هو، أبداً، غايتنا، وأن المؤسّسة ومُقتضياتها هي، أبداً، وسيلة في خدمة الغاية لا العكس. هذا ما يفرض علينا الانتباه الى ما يُعثّر كلّ أخ ويُصيبه بجرح وإن بغير قصد، مع ترافقه، بالطبع، بما تفرضه المحبة ذاتُها على كلّ أخ من الأخوة من الثقة باخلاص الجماعة ومسؤوليها في خياراتهم. وقد يخدم هذه المفاهيم في أوساطنا أن يؤسّس رؤساء المراكز والفروع لأطر حوارية حرّة من أيّ إطار تنظيميّ قائم يُكثّفون عبرها تعاطيهم المُباشر مع الأخوة بغاية الاستماع إلى هواجسهم، أولاً، والحوار معهم في كلّ الشؤون.


سندسوس والعلاقات الأرثوذكسية

 يبقى، وإن أطلت عليكم، أن أشارككم  بعض ما يتعلّق بشأن علاقاتنا الأرثوذكسية لكوني لم أتطرّق إليه في تقريري العام الماضي. فباختصار، تُدركون أن لعلاقاتنا الارثوذكسية مطلّين هما حضورنا في سندسموس (رابطة حركات الشباب الأرثوذكسي في العالم) والتنسيق مع حركات الشبيبة الأرثوذكسية في الشرق الأوسط. فقد سبق أن شرحت لكم، في تقرير سابق، حال الأزمة، المُزمنة، التي يعيشها سندسموس وما يعتري علاقتنا مع إدارته الحالية نتيجة عدم التفاهم معها حول سبل إخراج هذه الرابطة من أزمتها، خصوصاً أثناء وجود الأب طوني الصوري في مسؤولية نائب الرئيس والأخ فادي أبو مراد في مسؤولية الشرق الأوسط. وفي أيلول من العام 2009 عقدنا اجتماعاً مع الأب ألكسي ستروف وأحد المسؤولين الآخرين في الهيئة الادارية الجديدة لسندسموس أثناء زيارتهما الى لبنان برفقة الأخ رامي حصني. ووافقنا، خلال الاجتماع، على مبادرة تقدّم بها الأب ستروف لاعادة استئناف الحوار مع رئيس الرابطة وبادرنا، من جهتنا، الى تنفيذ ما يتعلّق بنا فوراً والى تأكيد استعدادنا لدعوة رئيس الرابطة، برفقة الأب ستروف، لزيارتنا بهدف تعريفه بالحركة وشهادتها والحوار المُباشر لحلّ كلّ إشكالات العلاقة. غير أن الأب ستروف لم يتمكن من إقناع رئيس الرابطة بمبادرته كما يبدو. وفي الأمس القريب عاود الأخ البير لحام متابعة هذا الموضوع عبر رسائل مُتبادلة مع رئيس الرابطة راجين أن تؤدّي هذه المُتابعة الى ما يُعيد لسندسموس فعالية دوره وحضوره وسط الشباب الأرثوذكسي العالميّ ويُعيد للحركة دورها المُعتاد وخدمتها فيه. 

 وفيما يتعلّق بالعلاقات مع حركات الشرق الأوسط، فقد تأثّرت اللقاءات المشتركة السنوية التي اعتدنا إقامتها مع هذه الحركات، بعض الأحيان، بما يعني العلاقة بين بطريركية أورشليم وبطريركية أنطاكية. وكذلك تعثّرت، بعض الشيء، آلية التنسيق التي سبق واتفقنا عليها مع هذه الحركات في السنوات الماضية للسبب ذاته. هذا علماً أنّه أتيح للأخ ايلي حلبي، في الأشهر الأخيرة، أن يبحث مع غبطة بطريرك أورشليم شؤون تطوير العلاقة بين الحركات في فلسطين والاردن والحركة الأنطاكية، وتمنّى البطريرك تأجيل الأمر بعض الوقت لأسباب تنظيمية تتعلّق بكنيسته. وفي هذا العام عُقد لقاء، في دمشق، ضمّنا الى الهيئة التنسيقية لحركات الشباب في الأردن بناء لطلبها، ومثّل الأمانة العامّة فيه الأخوة نبيل أبو سمرا، سيمون عبدالله وجان يازجي حيث كرّرت الحركة استعدادها الدائم لأي تنسيق مع هذه الحركات ودعم لعملها. ومنذ نحو شهرين ونيّف شارك الأخ فادي ابو مراد في اجتماع تنسيقيّ  في عمّان بناء على اقتراح جمعية الثقافة والتعليم الاردنية. وقد هدف الاجتماع الى إعادة تفعيل التواصل والاعداد للاجتماع السنوي الذي اعتدنا تنظيمه لأعضاء الحركات. وكان من المفترض أن نعقد اللقاء في هذا الوقت، غير أن التأخير في الاعداد العمليّ له من الجهة الأردنية دفعنا الى طلب تأجيله بعض الأشهر. وسنتابع بالتأكيد الخطوات التي تساهم في ازالة الصعوبات من أمام دفع هذه العلاقة الى الأمام لتكون أكثر تجسيداً للوحدة في المسيح.

  ختاماً، غداة انتهاء اجتماعات المجمع المقدس الأخيرة وما أسفر عنها من قرارات تخصّ الحركة وأوضاعها في حلب، تلقّيت رسالة من الأخ ألبير لحام حمّلها ما يوضح دور الحركة وعمل المواهب في الكنيسة ارتكازاً الى تعليم كنيستنا والكتاب المقدّس. وليس أفضل من هذا المقطع من الرسالة أختم به تقريري هذا متوجّهاً الى شبابنا وشاباتنا في أبرشيات كرسينا الأنطاكيّ. هذا  الشباب الذي لا يجفّ عطاءه رغم كثرة السعي الى تهشيمه من قبل من كلّفهم الله حمله في المحبة والرعاية، بقصد أو بغير قصد. ( "فمن ثمارهم تعرفونهم" يقول الربّ. وأمّا ثمار الحركة فواضحة للعيان، وهي لا تنسب ذلك الى ذاتها بل تشكر الله على نعمه المتنوعة، وتبقى داعيةً أعضاءها والجماعة المؤمنة الى التوبة ومعاطاة كلمة الله والأسرار الالهية والجهاد الروحيّ والشهادة والخدمة والمحبة). 

فأشكر الله على كلّ ثمرة من هذه الثمار التي لا بدّ من أن تُزهر، يوماً، في كنيسته قداسة.

 

 

                                                              

                                                               

المشاركات الشائعة