تقرير الأمين العام - المؤتمر الحركيّ 2007

رينيه أنطون - المؤتمر 39


الشكر والسبح للربّ وقد جمعنا كلمته الى واحد. الشكر له لأن محبته افتدتنا واستحالت رحمته، بنا، أبناء وكشف لنا روحه مسار الخلاص وجعلنا في هذا السعي  لخدمة  كلمته و بهاء كنيسته وغرس نوره الالهيّ في ما يحوط بنا من وجوه. الشكر له لأنّه أعطانا هذه الحركـة لنكون، أبداً، في حركة اليه.

نجتمع اليوم، في المسيح يسوع، لا لنغذّي عصبية بل برجاء أن نكون واحداً فيـه وبـه، لنكون واحداً في ثباتنا على تراث كنسيّ نهضوي  معالمه شركة صلاة وعيش وسعي معرفيّ وانفتاح بشاريّ ومحبة لكنيسته والعالم وخدمتهما بوداعة ولطف. نجتمع، كما في كلّ مرّة، كجماعة ولدها الروح لا كأعضاء تنظيم، جماعة ترنو الى أن يلبس مؤتمرها حلّة قوم تحلّقوا حول الربّ  لينير دربهم ويصون وحدتهم ويصوغ رسالتهم.

لقد شاءت الظروف أن ينعقد مؤتمرنـا هذا العـام والأوضاع الصعبة ما زالت تعصف بمنطقتنا عمومـا وبلبنان خصوصاً. وهو الأمر الذي لا زال يعيق قدرتنا على التحرّك، كما ينبغي، باتجاه خدمة ما وضعناه من أهداف. ولهذا انحصر سعي الأخـوة المسؤولين، في الأمانـة العامـة،  بمتابعـة بعض وجوه العمل الداخلي، في أطر محدّدة، وبمحاولة بلورة معالم حضور شهاديّ  ازاء صعوبات واقعنـا وبمتابعة الشأن الكنسيّ.

      

الوجه الشهاديّ

أشرنا في العام الماضي أن أمرين قد دفعانا الى أن نولي هذا الشأن أهمّية ملحوظة:  الأول هو هزالة  الحضور الكنسيّ وسط الأحداث والثاني هو قناعتنا بأن الوجـه الشهاديّ لرؤيتنـا النهضوية لا يكتسب، الى اليوم، موقعـه الموازي لوجوه ايماننا الأخرى، أقلّـه على مستوى الترجمة، لدى الكثير من شبابنا. وهذا ما يفسّر غياب أيّ تأثير لفكرنـا الايمانيّ في ما يحوط بنا وكذلك افتقاد وجوه خدمتنا لأن تكون بمستوى ما نعيشه من أزمات. ولهذه الأسباب أفردنا لهذا الوجه الجزء الأكبر من برنامج مؤتمرنا العام الماضي وتابعنا تنفيذ ما أمكن من مقرراته، هذا العام، حيث عقدنا المؤتمر الخاصّ بورقة "نحو تفعيل ترجمتنا الاجتماعية لفكرنا الايمانيّ. إن الأهمّ الذي قادنا اليه هذا اللقاء هو تذكير بعضنا البعض أن يسوع المسيح، بتجسّده، قد صهر الكون كلهّ فيه وباتت كلّ وجوه الحياة تعنينا، كأبناء له، في الصميم. وهنا أشكر الله أن نتائجه التي صيغت في الورقة الصادرة عنه، وبقراءة أخرى لمضمونها الحرفيّ، قد حملت دعوة  للحركيين الى  أن يتخطّوا ما يحدّ التزامهم من جدران لبيوت حركيّة وكنائس، قد تكون انعكست جدراناً في النفوس، ليسيروا باتجاه تعميد وجوه الحياة بروح الله وتقديسها.

أمّا على صعيد تنفيذ ما يخصّ الأمانة العامـة من المقررات فلم يتح لنا تنفيذ قدر ما ينبغي منها بسبب اندلاع حرب نهر البارد  والأحداث الأمنية التي واكبتها. لكننا انطلقنا بتنفيذ خطوات أربعة:

الأولى هي تفعيل اطلالاتنا البشارية في الجنوب اللبناني من خلال مساهمتنا في بعض وجوه التنمية في القرى وتوسيع المساعدات الاجتماعية وتكثيف اللقاءات البشارية مع الأهالي. وهنا أريد أن الفتكم الى الجهود الكبيرة التي يبذلها الأخوة في مركز جبل لبنان، في هذا الاطار، وكذلك بعض الأخوة من مركز بيروت والأخ طوني بيطار. وأعتقد بأن أهمّ ما يجب على الأمانة العامّة العتيدة متابعته هو مواصلة العمل لكيّ يمسي الهمّ البشاري في الجنوب اللبناني همّا حركيّاً عامّاً.

الخطوة الثانية هي المبادرة الى تأسيس مكتب التوظيف الذي رأينا فيه وسيلـة قد تساعد على التخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية على الشباب في بلدينـا وهو الأمر الذي قد يساهم، ولو بشكل متواضع،، في الحدّ من ظاهرة الهجرة التي تستنزفنا. لن أطيل في هذا الموضوع إذ ستعرض لنا الأخت ريما ونّوس المسؤولة عن العمل الاجتماعي كافة التفاصيل المتعلّقة به وسبل تواصل المراكز معه والاستفادة من خدماته. سأشير، فقط، الى أن نجاح هذه الخطوة لا يرتبط بجهود المسؤولين عن متابعتها بشكل مباشر وحسب، بل أيضاً، بالتعامل الجدّي معها في مراكزنا.

الخطوة الثالثة هي ايلاء موضوع الاعلام الحركيّ اهتماماً كبيراً، وقد تركّز اهتمامنا على الوجه الداخلي منه ذات البُعد التواصليّ والاخباريّ كالعمل على تطوير صفحة الانترنيت شكلاً ومضموناً وتغذيتها بالمواضيع الجديدة والأخبار، وعلى الوجه الخارجيّ منه ذات البُعد البشاري كالبرامج الدينية التي أعدّت، بمستويات فنّية مشهود لها، لتذاع عبر الاعلام المرئي في مناسبات فصحية وميلادية واعداد فيلم وثائقيّ عن الحركـة وبرمجة لقاء مع الاعلاميين لاطلاعهم على ماهيّة الحركة وفكرها وتوجهّاتها يكون بمثابة مدخل، لنا، للوصول الى تغطية أفعل للحدث الحركيّ عبر وسائل الاعلام. أيضاً نظراً لأهميّة ما أنجز على هذا الصعيد وما يُعدّ له ولأهميّـة تفاعلنا معه خصّصنا  بعض الوقت للأخت حنان عبدو، المسؤولة عن الاعلام في الأمانة العامـة، لتحدّثنا عن هذا الجانب بتوسّع.

الخطوة الرابعة هي البدء بدراسة المواضيع التي قرّر المؤتمر ادراجها في برامج الفرق والبحث في سبل تجاوب المرشدين معها فبدأت لجنـة، برئاسة الأخ فادي نصر، عملها وبادرت، بالتنسيق مع الأخت رانيا طنّوس مسؤولة الجامعيين، الى عقد لقاء تحضيريّ أولّ لمرشديّ الجامعيين والثانويين لهذا الهدف. ومن المؤسف أن الأخوة من المراكز السورية لم يتمكّنوا من المشاركة في هذا اللقاء للأسباب الأمنية ذاتها لكنّ لقاء ثانياً يتمّ التحضير لعقده في الأسبوع الأول من شهر كانون الأولّ وفق ما يسمح لهم بالمشاركة. وبالطبع تتابع اللجنة عملها لانجاز ما كلّفت به.  ما أرجوه هو أن تسمح الأوضاع للأمانة العامة العتيدة بمتابعة تنفيذ هذه الخطوات وبقية مقررات المؤتمر نظراً  لكونها مفاصل هامّة في حياتنا الشهادية. كما ارجو أن تنطلق المراكز في تنفيذ ما يعنيها منها وتتجاوب، بهذا الخصوص، بشكل أفضل مع الأمانة العامة.

 

التواصل والاعلام والوحدة

أبدأ مما شئت أن أخلص اليه  فأدعو كلاًّ منكم  الى بذل أقصى الجهود كيّ نتجنّب التداعيات السلبية لما نمرّ به من ظروف صعبة على الوجه  الانطاكيّ الواحد الذي تتميّز به حركتنا. لا أشكّ بأن الأخوة، رؤساء المراكز، جميعاً، يعون أهميّة هذا الانتماء الواحد ويتشبّثون به، بقوّة، وعلى هذا أشكر  الربّ. وأعتقد أن أحداً لا يستطيع ان يتنكّر للجهود  المضنية التي يبذلونها، مع أعضاء الأمانة العامة، للمشاركـة في اجتماعاتنا المشتركـة،وهي، بحدّ ذاتها، تعبير حيّ عن هذا الوعي. ورغم أنني عايشت، أيضاً، تجليات هذا الوعي في كلّ لقاء جمعني بالأخوة في مراكزنا الحركيّة إلا انني أقول بحاجتنا، أيضاً، الى الكثير على هذا الصعيد. وما يؤكّد حاجتنا هذه أن شريحة كبيرة من حركيّينا لا تزال في غربة مذهلـة عن الهموم والهواجس الكنسية والرعائية والشهادية التي تشغلنا كأمانة عامة، وأن عدداً من الحركيين، في بعض الأماكن، لا زال يجهل وجود اخوة له في مراكز أخرى يشاركونه الانتماء و الفكر والهمّ الواحد كما يجهل أن أمانة عامّة للحركة تنسّق وتسعى كيّ تعكس وحدة الجميع. لا اغالي في هذا إذ تلمّسته مباشرة من البعض منهم ومما نقله اليّ منسقّون غداة عودتهم من زيارة بعض المراكز أو اثر تواصلهم مع بعض الأخوة. هذا ما يدعني أذكرّ إخوتي رؤساء المراكز بضرورة ايلاء معالجـة هذا الخلل في وضعنا الحركيّ الداخليّ الأولوية القصوى، لاسيّمـا وأنه قد صعب علينا، كأمانة عامّة، وبسبب الأوضاع حتّى اليوم، أن ننطلق بشكل فاعل في تنفيذ بعض ما اتفقنا عليه في مؤتمرات سابقة ليساعد في هذا الأمر كمثل عقد اجتماعات عامّة للمسؤولين في المراكز وتكثيف اللقاءات المشتركة وتفعيلها نوعاً وتنظيم ما يسمح للمراكز بالاستفادة  من الخبرات الارشادية أينما وُجدت. أمّا السبل المتاحة في مراكزنا فهي أن ندفع  الحركيين الى التعاطي مع كلّ وجه تواصليّ، بيننا، كالصفحة الالكترونية، مثالاً، ومجلة النور ونشرات المراكز وغيرها، وأيضاً أن نخصّص بعض الأطر والفسحات الثابتة لتفاعلهم مع هموم الأمانة العامة وهواجسها وأن نتجاوب، عملياً، مع مشروع أطلقناه لخدمة هذه الغاية وأسفر، الى اليوم، عن اصدار نشرة يومية تحمل رسالة وانجيل وقديسّ اليوم، وهو مشروع انشاء مكتب مركزيً للبريد الالكترونيّ يُرفد بعناوين كلّ الأخوة الحركيين لمدّهم مباشرة بما يجب من أخبار ودعوات ونشرات ومعلومات وتعاميم تصدر عن الأمانة العامة. وهذا يعني أن نرفد المكتب المذكور بأكبر قدر ممكن من العناوين البريدية للحركيين. ويُذكرل هنا أنّه لا بدّ من أن تتولّى الاشراف على المشروع وتطويره، إضافة الى مهام لها أخرى، أمانة سرّ تنفيذية مكوّنة من أشخاص متفرّغين بشكل جزئيّ تسارع الأمانة العامة الى تأسيسها فور انتهاء اعمال هذا المؤتمر.

قبل أن أختم  هذا الجانب أؤكّد للأخوة، في سوريا، أن همّ  تمتين التواصل بيننا، في ظلّ الأوضاع الأمنية التي يعيشها لبنان وتلك التي بين البلدين قد شغلنا في كلّ اجتماعاتنا دون استثناء وخصوصاً منها الاجتماعات المصغّرة التي حاولنـا، فيها، أن نستشفّ ما امكن من البدائل  الممكنة المساعِدة. وبصراحة أقول أننا ارتأينـا ألا ننزلق الى تنظيم لقاءات بين المراكز في البلد الواحد أو إلى تسمية بعض الأخوة كأمناء عاميّن مساعدين لتجسيد حضور، أفعل، للأمانة العامة في هذا البلد أو ذاك. ذلك نظراً لما يمكن أن تجرّنا اليه هذه الخطوات من خطورة الاعتياد عليها في ظلّ  عدم وضوح آفاق الانتماء الحركيّ لدى شريحة من الحركيين في البلدين، والأهمّ، في ظلّ التوتّر الذي يسود العلاقات بين لبنان وسوريا وقلقنا من مخاطره على وحدة كرسينا الأنطاكيّ. هذه الوحدة التي تتعرّض، أيضاً، لمخاطر من جهات عدّة. لكنّ هذا لا يمنع من القول أن الأمانة العامة  مدعوّة الى ابتداع ما يمكن أن يقلّل من التأثير السلبيّ لضعف التواصل خصوصاً اذا طالت فترة الأوضاع السائدة.


الارشاد

رغم أن بعضنا سيشعر، بحقّ، أننا نقع في التكرار سأتوقّف، مجدّداً، عند وجه واحد من وجوه حياتنا الداخلية وهو الوجه التربويّ الارشادي. ذلك لسببين: الأول لأن وجه التعليم الدينيّ  ووجه العمل الجمعياتيّ ما يزالا يطبعان وجوه الحياة الحركيّة في أكثر من مكان ويغيّبا وجه الحركة الحقّ  كحركة بناء الشخص في يسوع المسيح، وهذا ما يقتضي، منّا، الاستمرار في المعالجة. والسبب الثاني كيّ لا نسمح لضعفات واقعنا أن تغيّب ثوابتنا على هذا الصعيد. 

انطلاقاً أعود بكم، باختصار شديد، الى الهوية المرجوّة للشخص الحركيّ بمنظار الأخ كوستي بندلي. إنه الشخص الذي "يأخذ على نفسه مأساة كنيسته، ويجدّد ذاته بالمشاركة في حياتها الاسرارية، ويعمل على تكوين حكم مسيحيّ في كلّ وجوه الحياة، ويعيش حياة صدق واستقامة ومحبة وخدمة، ويتحلّى بجرأة الشهادة للموقف المسيحيّ ويكون كالخمير وسط العجين في صميم هموم البشر والعالم".  

في يقيني أن العمل الجمعياتيّ، مهما تألّقنا به، لا يصل بنا الى بناء هذا الشخص، وكذلك، أيضاً، حصر وجوه تربيتنا بالتعليم الدينيّ وملحقاته التثقيفية. لا أقول هذا بهدف التشجيع على إهمال التعليم والتثقيف الديني لأن قناعتنا ثابتة بضرورة دعمه وتطويره. وترجمة لذلك خصّصنا، في الأمانة العامة، موازنة ميسورة، لتأمين حاجاته الأساسية وعملنا على اصدار الجزء الأول من سلسلة الكتب التعليمية الصادرة عن الكنيسة اليونانية في امريكا والتي أشرف على ترجمتها المسؤول عن البرامج الأب طوني الصوري، والجزء الثاني منها قيد الاصدار. لكنّني أدعو، بصراحة، الى اعادة هذا التعليم، في حياتنا الحركيّة، الى موقعه الصحيح. هو وجه من وجوه  تربيتنا لا كلّ وجوهها. وأهميّته في منظارنا تنبع من كونه  عاملاً مساعدا على بعض المعرفة تمهيداً للمعرفة الأهمّ. ومعرفة المسيح الأهمّ هذه هي، في رؤيتنا، تلك التي سبيلها  الاقتداء بمرشد محبّ للمسيح وكنيسته، قدوة بأخلاقه ومسلكه، تُعاين لديه روح الالتزام والخدمة ورجاحة الفكر وسعة الاهتمامات الانسانية والشهادية، منكبّ على تراثنا الحركيّ ويهواه، محتضن للشخص والجماعة ومواكب لهما في فسحات واسعة من الحياة لا في اجتماع الفرقة وحسب. إن تأثير هذا المرشد في نفوس الشباب، من خلال مدّها بنور المسيح، هو الأمر الذي  يضع شبابنا في مسار التزاميّ يتغذّى مما يحيونه من وجوه شركة مع الجماعة، مسار ملؤه، حبّ المسيح الحياة، وهو الحبّ الذي  يرميهم في حال توثّب دائم لمعرفة  المحبوب. فإن وعينا، حقّا، أن ورشة البناء هذه هي ورشة النهضة التي دعانا اليها الروح من خلال الحركة لسهل علينا ايجاد الحلول لما نعانيه مما اصطلحنا على تسميته بأزمة المرشدين. فالهدف ليس أن نلتقي في اجتماع الفرقة وحسب بل أن يشدّنا مرشد الى يسوع المسيح. فإن توفّر واحد التقينا، جميعا، حوله، وطوّعنا الأنظمة والتقاليد لذلك، وإن توفّر اثنان أو ثلاثة أو اكثر تقاسمنا اللقاء حولهم، وإن قدّر لنا الاستعانة بمرشدين من فروع ومراكز أخرى لبادرنا الى ذلك، وبهذا الطريق، فقط، نحلّ مشاكلنا ونبني مرشد المستقبل. فالارشاد موهبة وطاقة نضعها في خدمة أهدافها كما نضع كلّ طاقة مواهبية أخرى، كالتدريب والتعليم والتنسيق والادارة وغيرها، في خدمة أهدافها. ولذا أكرّر أمامكم أن لا قدسية، في رؤيتنا، لفرقـة أو لأسرة أو لاطار أو لمجلس او لتقليد حركيّ الا بقدر ما يخدم أيً منهم، في يومنا ووفق واقعنا، الأهداف النهضوية التي خطّها لنا التراث. وهنا أطلّ على موضوع تراثنا الحركيّ لأعيد التذكير بمحوريته في توجّهاتنا التربوية  ولالفت الى ضرورة ادراج كتابيّ "أنطاكية تتجدّد" و"الحركة ضياء ودعوة" والكتاب الجديد "من بيت الى بيت" في برامج أسرتيّ الثانويين والجامعيين أقلّه كي يعرف أعضاؤنا ما هم  ينتمون اليه.

 

العمل البشاريّ

تقوم الأمانة العامّة خلال هذه الفترة بمواكبة  العمل الشبابيّ الكنسيّ المنطلق في منطقة الخليج العربيّ، وأشكر الربّ كثيراً لكون الشباب الذي عرف الحركّة وفكرها وتربّى عليه يقوم بدور مبادر وهامّ في العمل المنطلق هناك. إن التنسيق يتمّ مع  هذا الشباب بشكل متواصل، ولقد توقّفت الأمانة العامّة، في اجتماعها، الأخير عند ضرورة الاتصال براعي الأبرشية المتروبوليت قسطنطين باباستيفانوس لاطلاعه على مبادرتنا والبحث معه بما يمكن أن نقدّمه لتلبية حاجات العمل وتفعيل حضور الفكر النهضوي فيه. تمّ اتصال أول مع سيادته في الشهر الماضي علمت، خلاله، أن  سيادته يعمل على ايجاد هيكلية تنظّم العمل الشبابيّ الكنسيّ في أبرشيته وقد رحبّ بكل مساعدة ممكنة واتفقنا على متابعة هذا الموضوع في اتصالات لاحقة.


شؤون حركية أخرى

يقوم الأخ ماجد عازار، بالتنسيق مع رؤساء المراكز، بتنفيذ حلقات تدريب على المنهجية التربوية الناشطة في معظم المراكز.

بناء على مقررات مؤتمرنا السابع والثلاثين، واكبت الأمانة  العامة موضوع تأسيس المنتدى الثقافي الأرثوذكسي واطلّعت على  نظامه التأسيسيّ ووافقت عليه بعد اقتراح بعض التعديلات الطفيفة. وبناء عليه وعلى تفويض المؤتمر فقد قررت المشاركة في عضوية الهيئة التأسيسية التي انهت الاجراءات الادارية المتعلّقة بالتأسيس، ومن المفترض أن يتمّ استكمال الموضوع والاعلان عن ذلك خلال ايام أو اسابيع قليلة جدّاً. أما أعضاء  الهيئة  التأسيسية فهم: الدكتور نجيب جهشان (رئيساً)، الدكتور انطوان قربان، السيدة أمل ديبو، الاستاذ جوزف يزبك، الأب اسبيريدون فياض، الأخ ريمون رزق، الأخ شفيق حيدر، الأخ ايلي شلهوب، الأخ انطوان خوري، الأخ الياس الحلبي، حركة الشببية الأرثوذكسية وتعاونية النور الأرثوذكسية. وأذكّر بأن عضوية المنتدى ستكون متاحة، وفق الالية التنظيمية، لجميع الأخوة الراغبين من سوريا ولبنان.

قبل أن اختم  ما يتعلّق بشؤوننا الداخلية أبلغكم أن الله قد أعطانا أن نشتري أرضاً في منطقة دوما (لبنان) بهدف بناء مركز مؤتمرات، بمواصفات كاملة، عليها.  تبلغ مساحة الأرض حوالي 28000 متر مربّع  وسعرها  110000 $ (مائة وعشرة الاف دولار أمريكي). لقد تمّ توقيع العقد مع أصحاب الأرض  ودفعنا، بموجبه، ما نسبته 10% من قيمتها (11000$) وأصحاب الأرض يقومون، اليوم، بانهاء المعاملات الادارية اللازمة ليتمكنوا من تسجيلها على اسم الحركة.  لقد سبق وأبلغنا أحد الأخوة الحركيين باستعداده للتبرّع بثمن الأرض، والمبلغ سيتمّ تحويله لحسابنا خلال أيام. كما سبق لبعض الأخوة أن أبلغوني بنيتّهم  التبرّع بمبالغ  فور الانطلاق في عملية البناء. أرجو أن يعطينا الله أن نتجنّد، جميعا، في كلّ مراكزنا وفروعنا لدعم ومواكبة هذا المشروع الحيويّ جداّ لحركتنا وكنيستنا الأنطاكيّة وننطلق في عملية البناء فور الانتهاء من اجراء المعاملات الادارية. هذا علماً أن لجنة، برئاسة الأخ ريمون رزق وعضوية كلّ من الأخ الياس شلهوب والأخ فؤاد الصوري، قد عملت على متابعة الاتصالات لاختيار الأرض المناسبة والمشروع الهندسيّ. وستتابع هذه اللجنة عملها بالاشراف على عملية  البناء وشؤون التمويل،  وعلى الأمانة العامة أن تبحث في أولى اجتماعاتها المقبلة، وبالتنسيق مع رئيسها، إمكان توسيعها.

 

سندسموس

إن سندسموس- رابطة حركات الشباب الأرثوذكسية في العالم تتعرّض لمصاعب جدّيـة منذ فترة طويلة من الوقت. ونحن لم نأل جهداً لمساعدة هذه الرابطة على تخطّي ما تتعرّض له،  أكان هذا من خلال مشاركتنا الدائمة في اجتماعات هيئاتها القيادية ومؤتمراتها أم من خلال الدعم المادي الذي قدّمناه لتأمين مشاركة بعض أعضاء هذه الهيئة، من كنائس أخرى، في هذه الاجتماعات أم من خلال اقتراح بعض الحلول لمصاعبها كمثل التي حمّلناها في رسالة وجهّتها الى رئيس الرابطـة وما تقدّم به، بشكل دائم، ممثّلا الحركة في هذه الرابطة الأب طوني الصوري (نائب الرئيس) والأخ فادي ابو مراد (مسؤول الشرق الأوسط). مع الأسف فإننا لا نرى حتى الان ما يشير الى الاقتراب من ايجاد حلول للصعوبات التي تتعرّض لها سندسموس. ووفق تقييمنا، الأب طوني والأخ فادي وأنا، فإن الأسباب الرئيسية لتعثّرها تُختصر فيما يلي:

 

1.    قبول الانتسابات بشكل عشوائي بحيث باتت أكثر الحركات، من الكنائس الأخرى، المشاركة في عضويتها هي، في حقيقة الأمر، مكاتب تعليم ديني تابعة للجهاز الكنسيّ مباشرة وليس من حضور فاعل لمعظمها بين الشباب في كنائسها.

2.    هذا ما آل بالرابطة الى أن تتعرّض لأزمة مالية  بسبب عجز الحركات عن تسديد اشتراكاتها السنوية وأيضاً لهزالة قيمة الاشتراك السنوي قياساً على ما هو مرجّو من شهادة للرابطة.

3.    الاتيان برؤساء ومسؤولين تنفيذيين، من هذه الحركات، دون خبرة بمقتضيات العمل الشبابيّ الجماعيّ ما يقود الى أخطاء ادارية كبرى للجهاز التنفيذي للرابطة وآخره، مثالاً لا حصراً، عدم مبادرة القيّمين الى دعوة  الجمعية العمومية للانعقاد وانتخاب رئيس جديد بعد انتهاء مدة الرئيس الحالي والاستمرار في ادارة الرابطة بحكم الأمر الواقع. أضف الى هذا عدم وعي القيادة لمساوئ الواقع وبرودتها ازاء الانكباب على معالجة وضع الرابطة. 

                                                                                      

وبناء على ما سبق فقد أصرّينا على معالجة الوضع بشكل جذريّ من خلال دعوة المسؤولين الى زيارة هذه الحركات على الأرض لتقييم واقعها لناحية الفعالية بين اوساط الشباب وتثبيت عضوية من يجب تثبيت عضويته، منها، والغاء عضوية من لا يستوفي شروط الانتساب، وكذلك رفضنا القبول بالأمر الواقع لجهة استمرار الرئيس والجهاز التنفيذيّ  في مسؤوليتهم ولا زلنا نصرّ على دعوة الجمعية العمومية لانتخاب رئيس جديد. ونظراً لأهمّية دورنا في هذه الرابطة التي تجمعنا للشهادة، معاً، كأعضاء في كنيسة أرثوذكسية عالمية واحدة، أرى أن على الأمانة العامة المقبلة ايلاء متابعة وضعها أولوية.

 

الشأن الكنسيّ

يا أحبّة،

كنت اتمنّى أن لا أقارب هذا الشأن كي ننصرف، في هذا المؤتمر، الى التعاطي بشؤوننا الحركية بصفاء وهدوء لا يعكّرهما أيّ انفعال. خصوصاً وأنه، بحسب قناعتيّ، من الصعوبة أن يترجّى المرء، اليوم، من التعاطي في الشأن الكنسيّ  تحقيق أيّ انجاز غير محاولة الحدّ من تفاقم الصعوبات والعثرات، أكان هذا فيما يتعلّق بطموحاتنا الكنسيّة أو فيما يتعلّق بعلاقتنا مع الرعاة،.  أمّا أسباب الصعوبة فسأتجنّب ذكرها، الان، كيّ لا يتمرّر أحد. لكنّ ما دفعني الى طرح هذا الشأن، مجدّدا، أن اجتماعاً للمجمع المقدس، من المفترض أن يكون قد انعقد في دير مار الياس- شويّا بدءاً من الثامن من هذا الشهر، قد ترافق انعقاده بتهويل مارسه بعض الرعاة على شبابنا الحركيّ وتمّ التداول فيه في بعض أوساطنا الكنسيّة ومفاده نيّـة بعض السادة أعضاء المجمع طرح موضوع الحركة وعملها والطرس البطريركي الخاصّ بها في جدول الأعمال. أضف الى ذلك ما أعتبره بمثابة تحريض دائم وحثّ على ضرورة تخلّي الحركة عن وجهها الأنطاكيّ الواحد عبر الحديث عن اتباع المراكز الحركيّة بالجهاز الكنسيّ في كلّ أبرشية  والاستغناء عما يعكس البُعد الانطاكيّ للحركة ووحدتها أيّ عن الأمانة العامّة. لقد قمنا بمالمواكبة اللازمة لهذا الموضوع ووضعنا الآلية المناسبة لأجل مواكبة أفعل للشأن الكنسيّ بكلّ وجوهه، تلافياً لمزيد من  الاشكالات في الكنيسة. لكنّ، لكون هذا التهويل يتردّد منذ زمن بعيد كلّما كان المجمع المقدّس على مشارف الانعقاد، وبغضّ النظر  عمّا اذا كان رعاتنا قد تداولوا به، في اجتماعهم الأخير، أم لا وعمّا اذا كانت أسبابه تعود الى أخطاء قد يرتكبها الحركيّون أو الى قراءات بعض الرعاة "لوظيفة" الأسقف والكاهن والتي لا تتوافق، برأينا، مع تراثنا وتعليمنا وتقليدنا الأرثوذكسيّ أو الى ايمان البعض بانتفاء الحاجة الى النهضة بسبب وجوده، هو "النهضويّ"، في سدّة المسؤولية أو الى جنوح سلطويّ قد يُصاب به أي منّا، في الكنيسة، فإنني أعيد، اليوم، التذكير ببعض الأمور الثوابت في هذا الموضوع علّ الله يعطينا أن نلتفت، في كنيسته، بعد اليوم، الى ما يفيدها، حقّاً، ويخدمها. وأرفق هذا برجاء أن  لا يفارق نور المسيح عقول السادة المطارنة وقلوبهم ويعمّدها بالصفاء والدراية لتُكشف لهم، أبداً، طريق الحقّ. 

أولا: إن ما يعكس أزمة كنيستنا ليس وجود هذه الشريحة الشبابية الحركيّة المجنّدة لخدمتها والساعية الى تفعيل معموديتها وتثمير الوزنات التي زرعها فيها الربّ، وبالتأكيد ليس هو تشبّث هذه الشريحة بحريتها في المسيح بل  هو غربة الكثرة من الشباب والمؤمنين عن حياة الكنيسة، وهو الأمر الذي يجب أن تتوجّه كلّ الجهود والطاقات الكنسيّة لمعالجته  بدل أن تتوجّه لمحاولة التضييق على عمل كنسيّ قائم وتقزيمه.

ثانياً: إن ما يساهم في هذه المعالجة هو العمل، بفعالية، للنهوض من عثرات كثيرة  تنتصب في مسار حياتنا الكنسيّة ليس أقلّها المراوحة الثقيلة في دينامية الحركة الكنسيّة وما ينتج عنها من جمود وغياب التخطيط، وكذلك ضعف وجوه الشركة والوحدة واستسهال تخطّي القوانين وإفراغ قانون المجالس من مضامينه وروحيته والامعان في تهميش المؤمنين ووهن الرعاية والحضور الشهادي والتأثير في المحيط وحالات التشرذم ومحاور النفوذ المغيّبة للروح القدس وممارسات شخصية غير مستقيمة معثّرة للمؤمنين. وإذ كنا نعي، تماماً،  أن لكلّ منّا دوره، كأعضاء جسد واحد، عن ورشة النهوض هذه فإن فعالية هذا الدور مرهونة بقدر ما يعي رؤساؤنا أهمّية الأعضاء في خدمة الجسد وتكامل خدمتهم مع خدمتها فيبادروا الى تفعيل الأطر الشركوية التي تسمح لخِدم المؤمنين أن تثمر ما هو مرجوّ منها.

ثالثا: نحن لا نعتقد، قطعاً، بأن كلّ من انتمى الى الحركة واكتسب فكرها نهضوي زمناً من حياته هو، ثابت في هذا الفكر الى الأبد، ذلك لأن منبع هذا الفكر  ومشربه  هو الجماعة التي منها يُكتسب والثبات فيه مرهون، بالضرورة، بالثبات فيها حيث يتغّذى ويُترجم ويتحصّن حامله في وجه الأهواء والخطيئة.  

رابعا: نحن نؤمن "أن العلاقة مع الأسقف مستمدّة من علاقة المسيح بالكنيسة. والأسقف رأس الجماعة بمعنى أنّه يرمز إلى مقام المسيح في جماعته ولا يحلّ محلّه. وتتأصّل خدمة الأسقف في لاهوت المواهب حيث تقوم موهبته،أساساً، في إمامة الجماعة في الاجتماع الأفخارستيّ وما يتبعه من تعليم وسهر على استقامة الرأي ورعاية المواهب الأخرى وإظهار وحدة الجماعة الغنيّة بنعم الروح. لذا فإنّ الرئاسة الكنسيّة، متميّزة، جذريّاً عن الرئاسة الدنيويّة، وهي لا تحقّق هذا التمايز إلاّ إذا خدمت وحدة الجماعة ضمن التنوّع المواهبيّ. فإذا إنطلقنا من قاعدة رئاسة الأسقف ضمن وحدة الإيمان والتنوّع المواهبيّ، نكون قد وضعنا الأمور في نصابها الأرثوذكسيّ، وخرجنا من دائرة التساؤلات غير النافعة: من يُصدر الأوامر، ومن ينفذّها؟ ممّن يتلقّى المؤمنون أوامرهم؟ هل يأخذون إذناً مسبقاً للعمل الشهاديّ أم لا؟ هذه عبارات تعكس مفهوماً دنيويّاً للسلطة، لا علاقة له بموهبة الأسقف "المترئّس بالمحبّة" في الكنيسة. (من رسالتنا الى المجمع المقدّس عام 2004)

خامساً: نحن نعرف "ضعف بشرتنا" وما تستتبعه من أخطاء وسقطات وندرك حاجة كلّ منّا الى التوبة المستمرّة،  ونعي أن دون هذه التوبة لا ثبات، أيضاً، لنا في التناوب على حمل مشعل النهضة. لكنّ لكون أحد من البشر لا يُعصم عن الخطأ، ولكوننا لم نقصد، يوما، أن "نُخطئ ضدّ المحبة"، فأرجو أن يتأكّد رؤساؤنا بأن ليس من تهويل أو قرار أو تضييق أو ضغط سيدفعنا الى التخلّي عن هذا الانتماء الذي به نفخر وعليه نشكر الله. وليس من امر يمكنه أن يُخرجنا من ضمير الكنيسة ويُخرج الكنيسة من ضميرنا. نحن، ما لم يشأ الله غيرذلك وليس أحد من البشر، سنبقى ثابتين في هذا التيّار الحركيّ وسيبقى ثابتاً فينا غارساً في نفوسنا، كلّ يوم، المزيد من جمالات تراث ولده رجال من رحم عشقهم للمسيح وكنيسته الأرثوذكسية.         

أيها الأحبّة، 

أما نحن، فدعونا نفعّل اكثر فأكثر روح الالتزام بيسوع المسيح في كلّ وجه من وجوه حياتنا فلا تكون هذه الوجوه هي النافذة التي يتسلّل منها من يشاء العبث بحالتنا النهضوية.دعونا نملأ الكنائس والرعايا حضوراً محبّاً خادماً متواضعاً منفتحاً محاوراً ومتلطّفاً بالضعفات. دعونا نحصّن ذواتنا بالأصوام والصلوات والشركة والمعرفة والثقافة الانسانية لنصنع من يومنا تاريخاً مشرقاً للغد ونكون على قدر قامـة رجال تاريخنا اليوم. وختاماً  فلكلّ وجه من وجوهكم المحبّة  المشرقة، وقد عاينتها تجهد وتتعب وتنفعل وتفرح وتعطي، محبتّي ودعائي. والسلام.

                                                                                               

المشاركات الشائعة