تقرير الأمين العام - المؤتمر الحركيّ 2008


رينيه أنطون - المؤتمر 40


المجد للربّ الذي يزيدنا من نعمه وبركاته، فيمنحنا، أيضاً وأيضاً، أن نذوق فرح الشركـة   والجماعة ويحنّ علينا بما يرسّخ  وحدتنا في رحاب ضياء  وجهه. إنها المرّة الأربعون التي نلتقي فيها ونحن مشدودون الى  تلك الرؤية التي بثّها الروح القدس في نفوس شباب قرّروا أن يتكئوا على جسد  المصلوب ليخصّوا حياتهم به ويستحيلوا بها معبراً الى الخلاص. فقوننوا الحياة حول كشف الهيّ  آل بهم رسلاً  أقرباء  ليسوع متلمِذيـن الناس على الارتقاء بناسوتهم الى الصيرورة به بعضاً من نسيج الهيّ.



المطران بولس بندلي

نلتقي هذا العام وأحد  هؤلاء المتلمِذين، المطران بولس بندلي، قد خطى خطوته الأخيرة نحو الربّ. قد يعتقد من يعرف موقع المطران بولس وصدارته لدينا أننا نتأملّ في ذكراه، في المناسبات الحركية، وفاءً لأب أحبّنا وعطف علينا وواكبنا وعلّمنا ورعانا وخدمنا ودلّنا الى وجه يسوع واختصر المسافات وعبّد الطرقات لتنسال القناة الحركية خلفه وتصل الناس بالربّ.  وقد يظنّ البعض القليل، وهذا كلام قد قيل، أننا نستغل حدث انتقاله عنّا ونبالغ في تقديس صورته لنبقي حركتنا في صدارة الحدث الكنسيّ  ونفخر بها أبداً.  فرُغم أن الوفاء لكلّ من انتصبت قامته أمامناً معلّماً ومثالاً هو واجبنا، لكونه، في حقيقته، وفاءً للربّ، ورُغم أنه لا يعيبنا أن نفخر بحركتنا وثمارها ما دامت هي حركةَ محبة الله في الاتجاهات المختلفة، ولا يعيبنا أبداً، في هذا السياق، أن ندلّ الناس الى مواطن النور فيها خصوصاً متى اشتدّت الظلمة حولهم وحولنا، إلا أننا، اليوم، لا نحدّث الناس عن الأب بولس  بندلي،  لهذا السبب أو لذاك بل لما هو أهمّ.  لأننا خبرناه  نبيّاً، مبشّراً، صدّيقاً، لصيقاً بارادة الله فقط معلناً إيّاها أينما حلّ ووقتما حلّ. تلمذ على المسيح لا على ذاته وما أراد من تأصّل الفضائل الجمّة في وجوه حياته، التي يصعب على أيّ منا حصرها وتعدادها، إلا أن تكون سماتً شاهدةً على فخره بربّه وفضائله. هذا، وحده، ما نصبه في ضمائرنا إيقونة رُسمت بخطّ الهي  يستحيل محوه. والايقونات يصعب حجبها عن ضمائر الناس لأن وهج المسيح يكلّلها ودمه المسفوك على خشبة يزيّنها. فمن أجل أن نمدّ هذا الوهج في عالمنا ونغرس بذور القداسة، النافرة في حياة هذا المعلّم، في حياتنا وحياة شعبنا، توجّهنا الى وضع برنامج يختصّ بالراحل القديس يساهم في تحقيق هذه الأهداف. ولهذا باشرنا الاعداد لفيلم وثائقي يحدّث عن سيرته وشهادته، وكتاب للغاية نفسها، ولقاء شعبي انطاكيّ إعلامي موسّع حوله ستبحث الأمانة العامّة اقامته في إطار المنتدى الحركي الثاني للفكر والاعلام، في شهر اذار المقبل، بعد أن تعثّرت إقامته في الأيام القليلة القادمة حسب ما كان مقرّراً سابقاً.



الشأن الكنسيّ والرعائي وحضورنا

ما يدلّ على فرادة كبارنا، الذين  طبعوا مواقعم الكنسية بالهوية النهضوية، أن أمراً لم يزحزح التصاقهم بارادة الله رغم ما نشهده من عودة  سافرة للنفوذ المالي والسياسي والاجتماعي ليكون الأكثر حضوراً وتأثيراً في الوجوه المؤسساتية للكنيسة وقراراتها. وليس سرّاً القول إن حجب الحضور الحركيّ وتأثيره في هذه الوجوه هو ما أفسح المجال، واسعاً، أمام هذه العودة. لن أتوسّع في حيثيات هذا الحجب، وخصوصاً في أسبابه، كيّ أتجنّب تكرار ما سبق أن توسّعت به على صعيد العلاقة والمؤسسة الكنسية في تقاريري السابقة. لكنّ ما أريد اعلامكم به أنّه تمّت مصارحتنا هذا العام، من قبل بعض الرؤساء الكنسيين، بضرورة أن نسعى الى ايجاد رابط للادارة الحركية بالرئاسة الكنسية حيث قُدّمت بعض الاقتراحات على هذا الصعيد. وقد أُبلغنا، مباشرةً، بصعوبة الاستماع الينا بأذن صاغية والأخذ بمقترحاتنا وأفكارنا ما لم نسع الى بناء هذا الرابط الذي لا سبيل لنا دونه، بنظر هذا البعض، لاكتساب الهوية الكنسية والفاعلية المرجوّة في الوجوه المؤسساتية لكنيستنا!  ما يلفت، هنا، أن هذا الطرح قد ترافق مع قرار اتخذه أحد السادة المطارنة بتجميد مسؤولية الحركة عن  الأسر  التعليمية  (الطفولة، الاستعداديين، الثانويين) في أبرشيته إضافة الى مقاطعته احتفال عيد الحركة ومضايقات تعرّض لها الأخوة في هذه الأبرشية بوجوه عدّة  منها الاستمرار في إبعادهم  عن المجالس والهيئات الرعائية فيها.


أنطلق، فيما خصّ هذا الجانب، من بنوّتي الرعائية ومحبتي الحقّة للسادة الرعاة وامتناني لثقتهم ومحبتهم التي أتلمسها دائماً لأكرّر، للمرّة الألف، أننا لا نسأَل هويّتنا الكنسية، ولن نسألها يوماً، من أحد أيّاً كان موقعه وشأنه في الكنيسة. وهذا لا نعلنه افتخاراً بالذات وصلابة موقف بل ايماناً منّا بأن كلّ من اعتمد على اسم الربّ وسعى الى أن يمدّ معموديته في خياته التزاماً في  حياة الكنيسة ومشاركة في أسرارها وشهادة للمسيح وفكره في العالم إكتسب الهوية الكنسية من جرن المعمودية ممهورةً بختم يسوع المسيح رأس الكنيسة. وبهذه الهوية ننطلق في مسؤوليتنا الكاملة عن ترسيخ الكنيسة في أمانتها لسيّدها والحدّ من تشويه وجهها وخدمتها في العالم. هذا لا يُبطل عجبنا من أن ترتبط مقاييس اكتساب الهوية الكنسية، لدى هذا  أو ذاك من الرعاة، بما يرضي الأشخاص ومواقعهم لا المسيح."هل أتوخّى رضا الناس؟ لو كنت الى اليوم أتوخى رضا الناس، لما كنت عبداً للمسيح" (غلاطية 1: 10). وبناء عليه نسأل أين تكمن استقامة مسؤولية الراعي حين  يقسو على الحركيين، الذين أقلّ ما يمكن وصفهم به هو أنهم أبناء المسيرة الكنسية، ويُعيّرهم بحريتهم في المسيح التي لا يُساومون عليها ويُمنّنهم ببركته التي يحتاجون اليها لتتسنّى لهم الشهادة في هذا الاطار الجغرافيّ أو ذاك والتي، في رؤيتهم، تساهم في استقامة شهادتهم أينما كان، ويطالبهم بالتسليم بتبعية تناقض قناعاتهم الايمانية شرطاً لتلك البركة ولتُفتح أمامهم مطلات الخدمة في قنوات المؤسسة الكنسية، ولا يُسأل متموّلٌ أو نافذٌ محيط بهذا الراعي أقلّه عن شرط الهي، عن مشاركته في الذبيحة الالهية يوم الأحد، كيّ يكتسب، بحقّ، عضوية شعب الله ويستقيم عطاءه  ويصبّ تأثيره في مشاركة  هذا الشعب في مسعاه الى جعل كنيسة المسيح أكثر خدمة وأمانة لسيّدها. نسأل عن هذا لأن "دعوة شعب الله أن يرتفع ويمتدّ، أن يذهب الى الله ويعطي للناس، أن يمجّده ويخدمهم" يقول المطران جورج خضر (أنطاكية تتجدّد ص. 182). إن هذا الارتياح الكنسيّ الى أحضان النفوذ الطائفي والمالي والسياسي والاجتماعي والذي تكثر وقائعه كلّ يوم في كثير من أبرشيات كرسينا الأنطاكيّ هو العتبة الأولى التي  يعبرها، متسلّلاً، الوجه الطائفي ليسود، مجدّداً، وجه الكنيسة ويتسلّط عليه. لهذا أنبّهكم يا إخوة، من خطورة اللامبالاة  بهذا الوضع  واستيعابنا له  والقبول به كأمر واقع لا محال منه بسبب تلّهينا "بشؤوننا وداخلياتنا" الحركية. هذا لأن تأثير أبناء الايمان في الوجوه المؤسساتية لكنيستنا الأنطاكية يشكّل وحده، اليوم، السدّ  المانع لهذا التسلّل البغيض الذي قد يذهب بكثير من منجزاتنا النهضوية في أنطاكية سُدى. فمن أجل أن نكون أكثر أمانة لتاريخنا، وإضافة الى ما سنقرّره غداً إثر بحثنا لورقة "حضورنا في الرعية"، التي أعدّها الأب مخائيل الدبس،  فإني أدعوكم الى ما يلي:

 

1.    تصدير الشأن الكنسيّ الأنطاكيّ في هواجسنا وإيلائه مواكبة جدّية منهجية خلال هذا العام. إن باكورة هذا التوجّه هو أن نتطلّع، في فرقنا وفروعنا ومراكزنا ، الى كلّ الشعب المؤمن المحيط بنا ونجد الآليات لاشراكه بمواجهة هذا الواقع ونسج المزيد من العلاقات معه بهدف توسيع الدائرة الشعبية الرعائية الواعية لدورها الكنسيّ المسؤول. فليس سرّاً القول إن احتضان الشعب المؤمن لنا ولفكرنا وهواجسنا الرعائية، واحتضاننا له، قد خفّت معالمه، أقلّه، في العقود الثلاثة الأخيرة بسبب أخطاء واهمال  في غير محلّه. إن مراوحتنا في الأولويات التي نعتمدها، محلّياً، الى اليوم ستعطّل قدرتنا على التأثير في وجوه حياتنا الكنسية كما يجب، خصوصاً إن علمنا بأن فعالية الأمانة العامة في الشأن الكنسي ترتبط، بقوّة، وتُكتسب من  فعالية المراكز والفروع الرعائية.

2.    ايجاد آلية لقاءات دورية تجمع مجالس المراكز والفروع بالسادة المطارنة وكهنة الرعايا تتجاوز البُعد الشكليّ لاشراكهم، الفعلي، في الهاجس الانطاكيّ  والمسؤولية عن معالجة همومه  هذه وحثّهم على القيام بما يُرجى منهم، وسيحاسبون من قبل الربّ عليه، إزاءها. 

3.    توصية الأمانة العامّة بالدعوة الى مؤتمر رعائي إنطاكيّ عام،  مواكَبة لتحرّك الفرق والفروع والمراكز، تتشارك في اعداده  مع طاقات أرثوذكسية مؤمنة  أخرى  وتتوسّع دائرة المشاركين فيه الى غير الحركيين أيضاً. تتمحور مواضيعه حول مسؤولية شعب الله  في كنيسته وقراءة تقييمية موجزة لقانون المجالس في الكرسيّ الانطاكيّ وواقع مشاركة هذا الشعب في ادارة شؤون كنيسته وايجاد آليات متابعة مشتركة.

4.    اجراء، على صعيد المراكز، قراءة نقدية، تقييمية، جريئة، هادئة، موضوعية ومنفتحة،  لعلاقاتنا مع  كهنة الرعايا ومجالسها والهيئات والجمعيات الكنسية الأخرى بنور تقليدنا وخبرتنا الحركيّة وفي ضوء ما ستتفّق عليه غداً من رؤى وتوجّهات، على أن تواكب الأمانة العامّة هذه القراءات وتطّلع على خلاصتها. ما دفعني الى اقتراح أن نبحث في هذا المؤتمر ورقة "حضورنا في الرعية" التي سبق ذكرها  هو، بغض النظر عن المسؤولية والمسبّبات، فتور علاقتنا مع بعض الكهنة والهيئات الكنسية وصعوبات تواجه هذه العلاقة باتت غير محصورة بمكان واحد أو اثنين.  إن هدف دعوتي الى هذا التقييم هو أن نزخّم ترجمتنا لما دعانا اليه تراثنا الحركيّ،  على المستوى الرعائي، من روح مبادرة وانفتاح وتلطّف وأمانة للحقّ، والمبادرة، بجرأة، الى فعل ما يلزم، من جهتنا، لتجنيب الأجيال الحركية التأثيرات السلبية لهذه الصعوبات عليها والتي باتت ملحوظة بعض الشيء لديها ومعيقة لقدرة بعضها على العطاء.


 

الشأن الداخلي:

أشكر الله على وجوه الالتزام في محبّته الملحوظة في حياتنا الحركية ولدى شبابنا تكريساً للذات وانخراطاً في حياة الكنيسة وعطاءً  وجهداً وطاعة وشركة. وأشكره على كلّ ما أعطانا أن نقوم به هذا العام  لاعلاء شأنه في النفوس وتمجيد اسمه في حياتنا.


الفرق المركزية:

غداة انتهاء مؤتمرنا التاسع والثلاثين بادرنا الى الانطلاق في دعوة فرق مركزية الى الاجتماع بغية تمتين التواصل  والعلاقات بين أعضائنا من مختلف المراكز في سوريا ولبنان وتحصينهم بأسس الرؤية الحركية والالتزام بها، وتعريفهم الى ميادين الاهتمام الحركيّ الواسعة. وانتظمت آلية هذه الفرق على أساس اجتماعات تُعقد لثلاثة أيام بمواكبة مرشد تسمّيه الأمانة العامة وبمرافقة أحد الأخوة المختبرين ليوم واحد. شارك في هذه الاجتماعات ما يقارب الستين شاباً وشابة توزّعوا على خمس فرق أرشدها كلّ من الأب طوني الصوري والأخوة ايلي كبة، روي فيتالي، جان يازجي وحنّا حنا. ورافق اجتماعاتها جزئياً  كلّ من الأب جوزف عبدالله والأخت فيكتوريا جبّور والأخ شفيق حيدر. وتولّى تنسيق هذه الاجتماعات الأخ ابراهيم رزق.

 أبرزت هذه الاجتماعات الحاجة الى استمرارها والى بناء المزيد من هذه الفرق نظراً لتعدّد تأثيراتها الايجابية التي لُحظت لدى المشاركين فيها لناحية التعرّف على خصائص الهوية الحركية ووعي المزيد من وجوه مسؤوليتهم ومتطلّباتها وتأثّرهم الايجابي المطلوب بمرشديهم ومواكبيهم. أضف اليه، أيضاً، ما يتعلّق بمتابعة التواصل بينهم، بعضهم مع بعض، وبينهم وبين مرشديهم وتلبيتهم لتعدّد الاجتماعات. فنظراً الى حداثة هذه الخبرة وأهمّيتها أعتقد بضرورة أن يشارك المؤتمر الأمانة العامّة تقييمها حيث  سنتوجّه فور انتهاء مؤتمرنا الى وضع أسس متابعة عمل الفرق التي تأسست وبناء فرق جديدة آخذين بعين الاعتبار ما نتوصّل اليه من آراء.

 

اللقاء المركزي: إلا أن المهمّ، أيضاً، الذي أبرزته هذه الاجتماعات، وسائر اللقاءات التي  دعت اليها الأمانة العامّة، هو حال الجهل بالهوية الحركية وآفاقها النهضوية لدى شريحة لا يُستهان بها من شبابنا وشكوى بعضهم من حال الحياة الحركية في مراكزهم  لناحية تهميشهم عن همومها وتطلّعاتها وعدم إفساح المجالات أمامهم للعمل والمسؤولية فيها. وهذا، إضافة الى ما سبق، هو ما شجّعنا على الدعوة الى عقد اللقاء المركزي الذي جمع معظم هؤلاء الشباب وغيرهم والذي سنخّصص وقتاً وافياً في هذا المؤتمر لمناقشة طروحاته وتوصياته. ما أرجوه هو أن نولي هذا الموضوع الأهميّة الذي يستحق ونتفهّم أن هذا الشباب ينطلق في شكواه من حماسه وغيرته ومحبته والتزامه بيسوع المسيح وأن نتوجّه الى التعامل مع ما أوصى به بايجابية وانفتاح، وأن نوليه المزيد من الثقة والمسؤولية  ما يطبع حياتنا الحركية بمزيد من الحيوية والابداع لا سيّما وأن المسؤولية في الكنيسة "رسالة وليست، بأيّ حال من الأحوال، زعامة" (كوستي بندلي).

 

لقاءات المرشدين والجامعيين والعائلات

في سياق التواصل وصقل المواهب والمعرفة وروح المسؤولية وتوضيح الآفاق النهضوية توجّهت الأمانة العامةّ الى تكثيف اللقاءات المشتركة، فعمل الأخ فادي نصر الى عقد  لقاءات للمرشدين مستفيداً من خبرة الأخ ماجد عازار في التدريب على المنهجية الناشطة. عقدت ثلاث لقاءات تميّز  أحدها الذي عقد في اللاذقية، وقد تمحور حول موضوع الأدب النهضوي،  بمشاركة كثيفة من الأخوة في المراكز السورية. هذا الأمر لفتنا الى فعالية تنظيم هذه اللقاءات على صعيد المراكز المتجاورة، لا على صعيد كلّ المراكز معاً، حيث سنبادر الى وضع روزنامة لها على هذا الأساس  وبرمجة مواضيعها بما يسّهل على مرشدينا، أيضاً، تعاطيهم الارشادي مع  المواضيع والعناوين التي  تدفع شبابنا باتجاه التساؤل الجدّي عن سبل مقاربتها.

في هذا الاطار، أيضاً، انعقد لقاء العائلات، بدعوة من مسؤول الأسرة الأخ جورج طيار، حول موضوع الكنيسة والحداثة. ونظمّت مسؤولة الجامعيين الأخت رانيا طنوس لقاءاً حول موضوع سرّ الجماعة ومخيّماً في كسب.  لفت في النشاطين المشاركة الكثيفة الأمر الذي يؤشّر أيضاً الى حاجة جامعيينا الى مثل هذه اللقاءات ويدفعنا الى التفكير باتجاه  الاستفادة منها لرفدها بما يقوّي حسّ الانفتاح والشهادة لديهم . وأريد أن ألفت هنا الى أن مشاركة إخوة مختبرين للشباب في لقاءاتهم، أكانت كتلك التي اختبرها الجامعيون لاسيّما من خلال مشاركة الأب أرسانيوس لحام وزوجته الأخت بشرى عكاري في مخيمّهم كمرافقين طيلة فترته، أم كخبرة مرافقة الأخ غسان عبيد وزوجته الأخت كاتيا الحاج عبيد للمشاركين في اللقاء المركزي بشكل جزئي، ومثلها مشاركة الأب ايليا متري في لقاء الجامعيين والأخ فادي نصر في الحلقة الدراسية، أم ما يُختبر على هذا الصعيد في الفرق المركزية يُثبت  فعاليـة هذه المشاركة ومساهمتها في تحقيق أهداف لقاءاتنا الأمر الذي يلفتنا الى  أهميّة تعميمها على مختلف لقاءاتنا أكان صعيدها محلّياً أو عاماً. وهذا ما أرجو بالحاح أن يوصي المؤتمر به المراكز والفروع. وقبل أن أختم الشأن الداخلي أشكر الله الذي سمح لنا، بعد تعثّر،  بالاستفادة مجدّداً من مواهب الأخ اسعد قطان ومعرفته من خلال تنظيم الحلقة الدراسية حول الليتورجيا على رجاء الاستمرار في تنظيم هذه الحلقات وفق المنهجية الموضوعة لها.


 

الشأن الشهادي:

الاعلام

بداية أشكر الربّ، ثانية، على كلّ ما أعطانا أن نعاينه على هذا الصعيد وعلى الجهد الاستثنائي الملحوظ في عمل هذه الأسرة ، بادارة الأخت حنان عبدو، والخطوات التي تحقّقت. وابدأ باختصار رؤيتي بأن هذا الوجه الاعلامي من شهادتنا، الذي يُفعّل حديثاً، هو من سبل بشارتنا الفاعلة اليوم، حيث نكشف، من خلاله،  للدائرة الأوسع من الشباب والنخب حقائق إيمانية لم تُكشف لهم، وما يدلّهم الى الحركة بفكرها وحياتها وأعلامها كقناة وطريق تصل بهم الى المسيح. في ظلّ هذه الرؤية برز لدينا هذا العام، إضافة الى اصدار أفلام وثائقية وبرامج دينية، المنتدى الحركي للفكر والاعلام الذي، برأيي وبناء على قراءتي لتقييم بعض المشاركين فيه، قد شهد أمام شريحة فكرية، اعلامية، ثقافية، وإن قلّت كمرّة أولى، لأمرين هامّين: الأول أن الافاق الايمانية ليست أقصر من وجوه الابداع في الحياة بل تسمو عليها لتقول فيها ما لم تدركه هذه الوجوه. والثاني أن شاهدينا على هذا السموّ هما المطران جورج خضر والأخ كوستي بندلي. ولفت في هذه الشهادة ارتقاءها ولياقتها. لم يتح للأمانة العامة تقييم أعمال المنتدى، الأمر الذي سيتمّ بالضرورة قبل انعقاد المنتدى الثاني شهر اذار المقبل. أيضاً برزت لدينا الصفحة الالكترونية بمضمونها وحلّتها الجديدة التي تدلّ الاحصاءات أنها تستقطب مشاركة جيدة.  وتعمل الأسرة، بشكل متواتر، على إغنائها بأبواب ومواضيع جديدة تخدم هدفنا البشاري أذكر منها، مثالاً لا حصراً، ما يختصّ بأدب الأطفال. أتوقّف هنا أمام فتور المراكز إزاء الاستفادة من هذه الصفحة خصوصاً لجهة الاستفادة من الفسحات المخصصة لها للاعلام عن المركز وفروعه تاريخاً، وانتشاراً وشهادة لأدعو  الى مزيد من الاهتمام بهذا الوجه الاعلاميّ وإفساح المجال أمام أعضائنا للعطاء فيه خاصّة بعدما شارك بعضهم في ورشة العمل الاعلامية الذي لفت فيها  التدريب على تقنيات الاعلام ،  للمرة الأولى  في حياتنا الحركية، ودون تجاهل إغناء المشاركين فيها بالرؤية الايمانية له وخصوصية طلّتها. ولا يخرج عن الهمّ الاعلامي اطلاق الأمانة العامّة للخبر الحركيّ عبر البريد الالكتروني الذي يزوّد اليوم نحو ألف ومئتين وخمسين شاباً من شبابنا، من جميع المراكز،  بخلاصة الاهتمامات والأنشطة الحركية على كلّ الأصعدة والذي أثبت فعاليته في كشف سعة آفاق الهوية الحركية أمام هؤلاء الشباب.


العمل الاجتماعي والتبنّي المدرسي

تابعت الأخت ريما ونّوس المسؤولة عن العمل الاجتماعي حضورها على بعض الأصعدة في الجنوب اللبناني من خلال أنشطة خاصّة بالمسنين والأطفال وعلى صعيد رعاية المساجين في مناسبة الأعياد. كما قمت بتوقيع عقد مع سيادة المطران جورج خضر  لبناء دار للمسنين على أرض تابعة لوقف أبرشية جبل لبنان وادارتها لمدة تسعة وتسعين سنة بشروط ماديّة مناسبة جداً. على هذا الصعيد أوّد أن الفت الى أهمية أمرين: الأول ضرورة تنظيم حلقات تدريبية تعيد تذكير الناشطين في العنل الاجتماعي بأسسه ومتطلّباته وأبعاده الرعائية، والثاني ضرورة التفات الأمانة العامة والمراكز الى موضوع مراكزنا الصحية الاجتماعية المنتشرة في اكثر من مكان للغاية نفسها ولتفعيل التنسيق فيما بينها  وتوضيح مرجعيتها منعاً لمزيد من  اشكالات  تبرز بين مسؤوليها والمسؤولين الحركيين. وستتابع الأمانة العامّة هذا الموضوع باهتمام. أما على صعيد مشروع التبنّي المدرسيّ الذي تولّت ادارته، حديثاً الأخت دوريس انطون، فإن الهمّ يكمن في  تفعيل آلية المشروع المعتمدة  وايجاد سبل أخرى لرفده ماديّاً بما يجعله أكثر قدرة  وفعالية على تأمين ما هو مقبول  في ظلّ  تفاقم الأعباء المدرسية على المحتاجين والوضع الاقتصادي الصعب. والثاني  ضرورة التوجّه نحو المراكز السورية  والبحث مع الأخوة هناك في إمكان اطلاق اليته خصوصاً بعد أن تعدّدت المدارس الخاصّة، التي تختصّ آلية المشروع بالمساعدة في إطارها، في سوريا.

 

الجنوب اللبناني

أتوّقف سريعاً عند شهادتنا في هذه المنطقة المستمرّة منذ عقود لأعلمكم بأننا، بعد تقييم عملنا هناك، وبموافقة الأب سليم أسعد المسمّى من قبل  سيادة راعي الأبرشية لتولّي التنسيق معنا، أعدنا النظر بشكل حضورنا وآليته و"مضمونه" اذا جازت التسمية، وقمنا بتقسيم المنطقة الى ثلاث مناطق رعائية  يتولّى مسؤولية كلّ منها أحد الأخوة المختبرين بمساعدة إخوة من هناك، تؤسّس مهمته على تأمين حضور ارشادي دوري وفاعل بغية توضيح هويّة الحركة ورؤيتها للشبيبة المعنيّة وذلك بالتنسيق مع أقرب المراكز الى منطقته وعبر تكثيف تواصل هؤلاء الشباب مع المركز الأقرب واجتماعات ولقاءات الأمانة العامة.


سندسموس

لا تزال معالم الأزمة التي أعلمتكم بها في تقريري الماضي تراوح مكانها على صعيد هذه المؤسّسة رغم  جهود ومشاركة الأب طوني الصوري (نائب الرئيس) والأخ فادي ابو مراد(مسؤول الشرق الأوسط) في اجتماعاتها  وفاعليتهما ومساهمات الأخ البير لحام. ودون أن أغرقكم في التفاصيل أذكّركم أن أسباب هذه الأزمة تُختصر، برأينا، بتداعيات الوضع المالي الصعب وجهل الرئاسة حقيقةَ دورها ومسؤولياتها. ويمكن لمن يشاء العودة الى تقريري السابق للتزوّد بالمزيد، وفي هذا الاطار نتواصل، عبر الرسائل، مع الحركات المشاركة لابلاغهم موقفنا من اقتراحات الادارة. كما نبحث مع اخوتنا في حركات الشرق الأوسط سبل تأطير علاقتنا وايجاد آلية لتفعيل مساهمتنا كلّ في دعم شهادة الآخر وخدمته دون أن تتوضّح الخلاصة النهائية الى اليوم.

وأخيراً، في الشقّ النفيذي، أعلمكم أن مشروع بناء مركز المؤتمرات في دوما قد أنجزت خرائطه العامّة وتفاصيله، ونعمل الآن على الحصول على الرخصة المطلوبة وانجاز الخرائط التفصيلية التقنية ولجان المتابعة والتمويل لمباشرة العمل.

 

أيها الأحبة،

     يبقى أن ألتفت الى الجهد الذي بذله كلّ منكم ومن مسؤولينا وأعضائنا الحركيين لترسيخ حياتنا الحركية في أصالة هويّـتها ووحدتها أينما كان. ورغم الارهاق الذي قد تكون سبّبته، لكم، كثافة لقاءاتنا العامّة هذا العام، إلا أنها ساهمت، بفعالية أيضاً، بما بدأتم أنتم به من زرع بذور الأصالة والوحدة في النفوس الحركية. والأهمّ  أنها كشفت لنا آفاق وحاجات تقتضي، منا، أيضاً تقييم تعاطينا التربوي  بما يجعله خادماً لبناء الشخصية النهضوية بمعالمها العارفة والمنفتحة بشكل أفضل. وهذا أيضاً ما أرجو أن تلتفت الأمانة العامة اليه بشكل أفعل بعدما بدأت بالتطرّق اليه في اجتماعاتها. ويبقى في الختام التأكيد بأن كلّ وجوه التقصير في مسؤوليتنا نُسأل عنها لأنها من وجوه الخطيئة في حياتنا، وكلّ الانجازات ووجوه التألّق لا فضل لنا بها لأنها من علامات حضور الله فينا. فإذ نشكره، تعالى، وقد تنازل ليعبر من خلالنا الى مطلات هذا العالم  نتذكّر، تيمناً بتنازله الينا، أن محبتنا وتلطّفنا، بعضنا ببعض وبمن يحبّنا ولا يحبّنا، هو حصن حياتنا  الذي يصدّ عن حركتنا وكنيستنا ونفوسنا الأهواء والأنانيات والشرور. وأن وحدتنا في الحقّ هي سلاح بشارتنا وشهادتنا الذي نغلب به الوجوه الشيطانية التقسيمية وأن يسوع المسيح  يبقى أرحم وألطف وأرحب منّا ومن كلّ آفاقنا وتصوّراتنا ومعرفتنا مهما وسعت. والسلام. 

 

     

  


المشاركات الشائعة