إقرأوا الحركة

رينيه أنطون

مجلّة النور - العدد الثامن 2006


من أصداء مؤتمرنا الأخير أنّ أخًا ملتزمًا العمل الكنسيّ غير منتمٍ إلى الحركة، شاركنا في أعمال المؤتمر كاملة، قد شكر الله والمسؤولين الذين انتدبوه لهذه المشاركة على ما عاينه من غيرة، لدى المشاركين، على كنيسة المسيح.

أوحى إليَّ هذا الصدى، نظرًا إلى السمة الشهاديّة العامّة لمواضيع المؤتمر، أنّ الأخ المعنيّ يدرك أنّ اقتحام صعوبات الحياة هو من آفاق البشارة بيسوع المسيح التي تعكس للناس وجهًا خادمًا للكنيسة. ولذا تراه آمن بأنّ الخروج بالرعاية والإعلام الكنسيّ إلى آفاق جديدة وتنشيط الحضور الثقافيّ والوطنيّ والمساهمة في بلسمة جراح الجنوب والتنشئة على حبّ العدالة والتزام الحقّ ونبذ العنف هي، كلّها، آفاق شهادة للكنيسة تخرج بالجماعة المؤمنة إلى ما يحوط بها لتكون "قلبه ورجاءه". فكأنّي بهذا "الغريب" - القريب، الذي رأى في مقاربة هذه الوجوه غيرة على كنيسة المسيح، قد التصق بكتاباتنا وعاشر أوراقنا الحركيّة وتعمّق في أدبنا النهضويّ في زمن بات، فيه، جمع من أهل البيت غريبًا عنه.

فبعدما عايشت بعضًا من حياتنا الحركيّة واهتماماتها هنا وثمّة، وواكبت مؤتمراتنا وأولويّاتها ونقاشاتها، وبعدما تابعت بعض ما يطرحه هذا أو ذاك من الأخوة ونظرت إلى الزمن الذي فيه نعيش، أقول ببساطة لبعض شبابنا: إقرأوا كتابات الحركة. إقرأوا، خصوصًا منها، كتابات جورج خضر وكوستي بندلي والأوراق الحركيّة ومجلّة النّور وكتابَي "أنطاكية تتجدّد" و"الحركة ضياء ودعوة"، فبغير هذا لن يستقيم لكم إنتماء ولا مسؤوليّة. أنتم، إن جهلتم هذا التراث، تكونون غرباء كلّيًّا عن أدب النهضة وتاليًا عن رؤية حركتكم وفكرها. أن تنتموا إلى الحركة يعني، أساسًا، أن تلتصقوا برؤيتها هي لا برؤية أحد، بفكرها هي لا بفكر أحد. وكي تطالوا قامة الرؤية عليكم أن تعرفوا ما قاله فيها صانعوها، لتعيشوه في يومكم من دون "اجترار"، كما عاشوه آباؤكم في أمسهم بجدّة. الرؤية ثابتة وستبقى، وأنتم، أبدًا، مدعوّون إلى أن تبتدعوا، في رحاب الحرّيّة المسكوبة عليكم بالمسيح، توجّهًا تشخصون إليه بمنظارها، يحاكي وجوه الحياة وينهض بزوايا العالم. فالكتاب يقول والرؤية نقلت أنها كلّها تخصّ الربّ وتعنيكم. لا ينتمي امرؤ إلى ما يجهل، فاعرفوا ما أنتم منتمون إليه وما دعيتم لتصيروا عليه. بعشرتكم لتراث الحركة فقط ستعرفون. ستُكشف لديكم رحابة الكلمة فتنمو بذوره فيكم. ستستقيم لديكم سبل الصلاة والصوم ونهم الكتاب فتصحّ معرفتكم ويكبر عشقكم. ستعاينون كم أنتم محبوبون ومفتدون فتُعطَوْن أن تكشفوا شيئًا من سرّه فيما أنتم تحبّون. ستتحرّرون من كلّ انغلاق وتقوقع فيخرج معكم ويحضر بكم في كلّ وجه من وجوه الحياة وآخر. ستنقلون الكنيسة إلى العالم فتمسون عشّاق ملكوت في الأرض. فما بالكم تدعون شيوخًا يفوقونكم ثورة وتجدّدًا وانفتاحًا وفرحًا وحبًّا. إثأروا من تقليديّتكم، اقتحموا وجوه الناس ووجوه العالم وانطلقوا إليها، اقتحموا ميادين العلم والفكر والثقافة وعمّدوها. ساهموا في "رفع الدنيا" وإعادتها إليه. كونوا أبدًا أبناء الفرح، أبناء القيامة.

أقرأوا الحركة لتُدركوا أنّكم أبناء من احتضن الكون، بما فيه، بيديه المرفوعتَين على الصليب. إقرأوا الحركة لتدركوا رسالتكم، لِمَ أنتم في هذه الأرض وهنا. إقرأوا الحركة لتكونوا كلّ هذا.

 


 

 

 

 


المشاركات الشائعة