تقديم الأمين العام للقاء البطريرك هزيم بالشباب

 رينيه أنطون - البلمند  23/10/2004


سحرته البساطة الانجيلية الى حدّ عجزت أمامه المواقع الأولى المتقدّمة أن تحلّ التصاقه بها، فوسم زمانه بسمات ناسوته وعاين الأرثوذكسيّون، بذلك، شيئا من سموّ وجه كنيستهم الملكوتي على وجه التاريخ فيها. البطريرك أغناطيوس الرابع هزيم  هو من الرعيل الذي حطّت نشأته  في زمن كنسيّ صعب لّفه غبار التاريخ وغابت عنه جمالات  لاهوت  وفكر وأزمنة قداسة.  فعانى حتى سال دمه حبّا ونزفا من جراح جسد المصلوب  لينبته الدم قامة كنسية الهوى تعكس مراياها ، في تألّقاتها المتعددة، ما في الكنيسة الأرثوذكسية من  كنوز وإبداع.

ارتقى العرش الأنطاكي غارسا في زواياه حلمه المولود من رحم نهضة مرجوّة، على رجاء أن يثمر الحلم، يوما، منارات تستحيل بها أنطاكية واحة مشبعة بماء الحياة.  فصاغ الحلم يوم تنصيبه بطريركا واختصره بكلمات تتوثّب الى النطق بها في نهضويتك وترتجي معانيها في وقفة تأملّك وتضرّعك ومناجاتك للرب. فالكنيسة التي يبتغيها البطريرك ويتطلّع اليها هي تلك "التي يحسّ أبناؤها بأنها مجرى الحياة وينبوع الفكر. كنيسة تنسج الحياة فيها علاقات ثالوثية الأبعاد ليتواضع الكل ويتشارك ويعتزّ الأخ بالأخ في إطار من  تعدّد المواهب. كنيسة المؤسسات الشاهدة المتماهية بشهادة يسوع. هي كنيسة، لا طائفة، ذاهبة الى جذور تاريخ هذا المشرق وممتدة الى غده على مركبة الرجاء لتمسي على المصلوبية حتى لا ينوء أحد سواها تحت الصليب".  باختصار هي كنيسة الله في أنطاكية.

ورغم أن وطأة التاريخ والخطيئة قد شوّهت جوانب متعدّدة من جمالات الحلم وأعاقت تحقيق جوانب أخرى، تبقى نعمة الله مسكوبة علينا في كون غبطته ونحن قد شهدنا على مدى ربع قرن من الزمن، إنجازات وخطوات تحققت على درب هذا السعي ليمسي وجه أنطاكية اليوم غير ما كان عليه بالأمس. 

صاحب الغبطة،

إن ألهمنا الله أن نستحضر، في حركة الشبيبة الارثوذكسية، هذا العام مناسبة مرور خمسة وعشرين سنة على تولّيكم سدّة الكرسي الرسولي الأنطاكي، فلعلّ ذلك لتكون صلاتنا من أجل أنطاكية اليوم قائمة في لقاءنا هذا – لقاء الأب بالأبناء-  ومحمولـة  في اسئلـة الشباب الأنطاكي وهواجسه، وقد حملها الى محبتكم من مختلف أبرشيات هذا الكرسي المقدّس. محاور طالما اضافت الى معاناة شبابنا في مجتمعاته القلق والشكوك. أن تحجب الحرّيـة عنه حينا وأن تنتهك مفاهيمها وتنحدر الى حدّ إستهلاك المقدّسات وتشييئها حينا آخر. أن تدفعه ظروف هذا الشرق الى الاعتقاد بأن استقرار  رسالته الايمانية فيه مهدّد رغم انطلاقتها منه وتجذّرها فيه. أن تقوده وطأة الأوضاع السياسية والاقتصادية المحيطة به الى الهجرة سبيلا للاستمرار لتمسي الهجرة نزفا بليغا يصيب خاصرة الكنيسة والوطن. أن تتفاقم الغربة المتبادلـة بين مؤسسات الكنيسة وجماعتها. أن يشعر بتهميش يصيب دوره الكنسي وقيود تكبّل حركة تفعيل مواهبه في المسيح. أن تنتصب العوائق أمام رعاية حقّة وبشارة تنقل المسيح الى عالم اليوم بلغة اليوم.

صاحب الغبطة، 

ونحن ننتهزها مناسبة لنرفع دعاءنا الى الله عزّ وجلّ أن يشدّد خطاكم ويحفظكم الى أعوام عديدة ويهبكم النعمة بأن تعاينوا أنطاكية كما تبتغونها نضع بين أيديكم هذه الهواجس لنذوق منكم، سيّدي، حلاوة الحقيقة وبلاغة القول وحكمة الموقف في بساطة كلمة.

 

                                                

 

 


المشاركات الشائعة