مرسال خليفة والنشيد الوطنيّ

رينيه أنطون – 10 تموز 2019


للعِلم، أوّلاً...

أنا مِن جيلٍ شهِد، مطلع شبابه، اندلاعَ الحرب اللبنانية ورافق امتداداتها وتداعياتها، ومِمَّن صادَقوا توجُّهَ مرسيل خليفة السياسيّ وراهَقوا على صوتِه والحانه وعودِه وقصائدِ محمود درويش مَعه.

كما أُتيح لي يومًا في فترة الحرب، وأثناء وجود مرسيل خليفة مُهَجَّرًا في مدينتي لأسابيع قليلة، اللقاء الشخصي معه ومواكبته بعض أيّام.

أذكر هذا ليُعلَم أنَّ طرحي، التالي، لا خلفية سياسيّة عدائيّة له.

ما في الأمر أنّني لا أوافق على موقفه الرافض لعزف النشيد الوطني في مهرجانات بعلبك، وأرفض، كذلك، التبريرات التي نَسبَت الأسباب، إمّا الى مَقامِه الفنّي وإبداعِه، وإمّا الى حال الوطن التي يُرثى لها ولا يُنشَد.

لكلٍّ منّا، في حلمِه وتطلّعاتِه، وطنه المُرتَجى. ووطننا، اليوم، في حالٍ غريبة وبعيدة عمّا يُشتَهى، وليسَ عن حالٍ كانت سائدة يومَ كان مرسيل يعزف النشيد الوطنيّ ويُنشِده.

بأيّ حال النشيد الوطني ليسَ نشيد اللحظة الوطنية والنُظم والمواقف والاوضاع السياسية.

إنّه نشيدُ الوطن المنشود، الوطن المَرجوّ...

نشيدٌ يرمز إلى توثّبنا معًا، وحنينِنا معًا، كلٍّ من رؤيته وتطلّعاته وانجذابه السياسيّ، إلى إخراج الواقِع الوطني مِن مرارته وتحقيقِ الحُلمِ بوطنٍ وطن ومواطِن مَصون...

نشيدٌ يرمز الى انحنائِنا معًا أمام كلّ شهيدٍ سقطَ في سعيه إلى هذا الوطن وصونًا لحريّته وكرامة انسانه وخدمةً لقضيّته...

نشيدٌ يُعلن حبَّنا وصرخَة قبولِنا للأرض التي شاءَ الله أن تكون وطننا، وللانسان الذي شاءَ أن يكون شريكنا.

وحده هذا النصّ، حرفًا ولحنًا، هو نشيدُنا الوطني معًا على اختلاف انتماءاتنا. أمّا غيره فهو نشيد هذا وذاك منّا، ولا أحد يحلّ مكانَ وطن.

فليسَ مِن اجتهاد، في هذا الأمر، يُقبَل. 

المشاركات الشائعة