المؤسّسات الكنسيّة

رينيه أنطون - 28 حزيران 2017


إطالة بسيطة جدًا، وإنّما لئلا يَمقتُنـا المسيح!

قد تعاني بعض مؤسسات الكنيسة، من حينٍ الى آخر، صعوبات تستدعي ادارة مالية تقشّفية انقاذية....

عامّةً، وبغضّ النظر عن الأسباب، وعن مدى استقامة النهج الانقاذي، وهوَى الارضاء والاسترضاء البشري فيه، يبقى القلق من أن تترك السياسة التقشّفية تداعيات قاسية على الحلقة الأضعف، الفقراء والبسطاء وذوي الحاجات، وفاعلية الشهادة نحوَهم....

في ظلّ هذا الواقع يُرتَجى أن نعي:

أ- أنّ مؤسساتنا، كائنةً ما كانت الأوضاع التي تمرّ بها، وجبَ أن تتحلّى ادارتها بالقدرات المهنية المعمَّدَة بالروح الانجيلية. أيّ الروح التي تسبق مكانةُ العدالة والانسان فيها، وخاصّةً المحتاج، مكانةَ الرقم المالي.

ب- إنْ قادَتْنا الأهداف الانقاذيّة الى أن نقسو، فلا نغيّب، في مسالك قسوتنا، الأساسَ الذي من أجله كانت المؤسسّة الكنسيّة. هذا الأساس ليس حِفظَ مصالح أحدٍ، ولا صونَ رخائه ورغدِ عيشه، فالله فرشَ في أحضانه الرخاءَ، الأهمّ، لكلّ من يروم الى رخاء...انّه، فقط، ما مدَّه القديس باسيليوس الكبير، مُعاشًا، في المؤسّسات، الجدّية في خدمة المحتاجين وتخفيف القهر والألم عنهم رحمةً بهم، واشارةً لهم، الى عدالة الملكوت، أما الأبعاد الشهادية الأخرى فتُضاف، إن أمكن، وما عدا ذلك فثرثرة مصلَحية. لذلك، إن إنقاذ المؤسسات يُمسي تدميرًا لأُسسها ما لم يتجّه بقسوته، المُلزَم بها، نحو الأقلّ ألمًا، فيها، والأكثر يُسرًا.

ج- إن الأوقاف هي هبةُ قلوبٍ طريّة الى مَن قست عليهم ظروف الحياة. هم أهدوها الى الكنيسة لتهِبَها هي، مع الفداء، رحمةً حياتيةً للمحتاجين. فأَن تجمّدَ الكنيسة أوقافهم تبجّحًا بنفوذ أرضيّ، وتزيدها يباسًا فوق يباس، لهو في يقيني جرحٌ للواهبين وخيانةٌ لارواحهم، خصوصًا في ظلّ ظروفٍ تزيد فيها نفوس الفقراء جفافًا فوق جفاف.

د- إن الادارة الاحترافية في الكنيسة هي غيرُ تلك التي يُطبّل لها العالم. هي المُرتقية في الخُلق والفضائل، التي لا مكر فيها، ولا تملّق، ولا تبجّح، ولا استقواء بسلطة على الضعفاء. هي التي تسخّر العلمَ لتَنهض بما كُلِّفَت به بشفافيةٍ، حادّة، مقترنة بشورى وعدلٍ وطراوة قلبٍ واحترام مهنيّ. أما تلكَ التي تخضع لسَطوة المال على العقل، وتُعمَى عن الواجب الانجيليّ وعمّا في جمالات الشهادة من ربحٍ أثمن من الورق الأصفر، لتُمسي من العالم وليست من الكنيسة. تُمسي، باختصار، احتلالاً دنيويًا لما لله في العالم.

ه- فأن نشبه العالم في كلّ شيء هو الفشل وليسَ النجاح، لكونه أمرًا يسهل على كلّ من يشاء امتلاكه. النجاح أن نجعل الناس تشتهي، في ممارستنا، ما يعجز العالم عنه. تشتهي، بنا، مَحفِلَ الأبناء بدل محفل التكاذب وعبَدَة المصالح والمال. محفلٌ فيه، مِن العلاقات ما يُسحِر، والانسان، في رحابه، ليس رقمًا، وذو الحاجة ليس سلعةً، فهما الأثمن، فيه، لأنّهما تلكَ البرقة في عينيّ السيّد.

و- نحن ننجح يومَ نثبت في التميّز الانجيلي، ونُخلي مؤسساتنا من المِحَن، في آن. هذا ليسَ لأننا زدنا المجروحين جروحًا، وتخلّينا عن شهادةٍ ومحتاج، بل لأننا جُرحنا، نحن، وتخلّينا لنعلّم التخلّي. هذا ليس شعرًا، هذا الانجيل.

 

المشاركات الشائعة