رسالة من الأمين العام – "الكورونا"

 

رينيه أنطون22 اذار 2020

 

الأحبّة أعضاء حركة الشبيبة الأرثوذكسية.

وسط أشد المِحن الصحيّة التي تعصف بنا والتي لم يعرف العالم مثيلاً لأخطارها ولسرعة شمولها الأنسان والبلدان والمجتمعات منذ عقود كثيرة، أتوجّه إليكم ناشدًا أن أتقوَّى بمعيّتكم في المسيح ومناشدًا إياكم تشديد الرجاء والثقة برحمةِ المصلوب عن خطايانا وضعفاتنا.

إنَّ هذا الرجاء، الذي يترافق والثقة بأننا أبناء السيّد الذي قهرَ الموت وغلب العالم، هو سبيل الأبناء الذي لا سواه إلى مواجهةِ الأمراض والكوارث، نتاج فعل الانسان والشرّ في العالم ونقصان الكون المخلوق. نواجه المصائب، هذه، بشجاعةِ مَن يروم إلى حياةٍ تمتدّ في المسيح لتكبر التوبة إليه في وجه الأخ، وبشجاعة مَن شهد الحجر مدحرجًا والقبر فارغًا في آن.

نواجه المِحن بهويّة التلاميذ الذين من الربّ وجدوا في العالم ليتمّموا التكليف. وتكليفنا ألا ننفرد بما فينا ولنا متغنّين به، مكابرين ومتكبّرين، بل أن نتشاركه كما أحبّ وأراد. نتشاركُه دمًا مبذولاً ممدودًا، بنا، فرحة في أفراحِ العالم وفي ارتقائه بالخَلق اليه، ودمعةً في أتعابه وأحزانه وشركة وتعزية.

أيها الأحبّة، سبيلنا اليوم إلى هذه المواجهة هو صلاةٌ وشركة.

ولمّا كانت المحنة قد ألزَمت كنيستنا الأنطاكية، كمعظم كنائس العالم، بوقف الخدم والصلوات عاكسةً المحبَة الإلهية للكون والحرص على قدسية الحياة الإنسانية والترأف بنا وبعائلاتنا وبسائر المواطنين، فإني أدعوكم إلى تفهّم هذا الموقف الراعي وتثمين هذا الحرص بعيدًا عن المزايدات، والثقة بأن الهياكل التي تجمعنا صلاةً أيام الصوم، وفيها نذوق الربّ آحادًا وأعيادًا ونلتقي إليه وفيه وبه واحدًا، هي قائمة بشكل مؤقّت واستثنائيّ، وبفعل رحمته بشعبه اليوم، في البيوت المصلّية حيث دعا الرعاة الى أن ترتفع منها تضرّعات المؤمنين واحدةً صوب السماء.

فاليوم، ووسط ما قد يتسبب به الوباء من خطر علينا وعلى عائلاتنا، وما قد نتسبّب به نحن من أخطارٍ على الآخرين، أمسى التزامنا بالصلاة المنزلية المكثَّفة هو اجتماعنا في الكنيسة، التزامُنا بالاجراءات الصحيّة هو التزامنا في الايمان، رفعُنا للضحايا والمصابين والمرضى في صلاتنا هو حضورنا بالله وسط شعبه، دعاؤنا للأطباء والممرضين والعاملين في المستشفيات هو استدعاءٌ لرحمته، تضرُّعنا لأجل العلماء المنكبّين على إيجاد العلاج المناسب للوباء هو تلبيتنا لدعوة مشاركته الخلق، وملازمةُ الفقراء والمحتاجين لنا، في كلّ لحظة صلاة وحياة، هي حضوره فينا.

يقيني يا أحبة، ان الله لا يرتاح اليوم في أحد مّنا، أو لأحد منّا، إن تغرّب هؤلاء المساكين عنه. لا يغب عنكم كمّ من الشدّة والمآسي تضرب اليوم عائلات بأكملها نتيجة ما تراكم في بلدينا، لبنان وسوريا، من مآسي أقتصادية وأزمات، وما تراكِمُه، إضافةً، هذه الأزمة الصحية من معاناة على كمّ كبير من العائلات. لا يغب عنكم كمّ هو حجم ما يُنتَظر من تداعيات مستقبلية صحية ونفسية واقتصادية لهذا الاعصار الصحيّ على المواطنين. وكلّها هواجس وهموم تدفعنا الى أن نكون، كأبناء الانجيل، مترصّدين لها، مستعدّين، ومتخلّين. متخلّون، لأجل أن يملك الفقراء والرازحون تحت وطأة هذه الأزمات ما به يقتاتون ويحتمون من شراسة المرض، ونملك نحن، مقابلًا، في الربّ.

أدعوكم يا احبّة، وباختصار، الى هذا التخلّي وذاك المُلك، إلى هذه الصلاة المُجسّدة اليوم. ولما كنّا في الأمانة العامة، وعبر هيئة العمل الاجتماعي، نتوجه، ومراكز الحركة، الى تفعيل استعداداتنا ومشاريعنا ودعمنا "لاخوة" الربّ والتفكير في حضورٍ مواكبٍ حاضن ومشاركٍ في إجراءات انقاذية، وفق ما تسمح به الظروف والاجراءات الصحية، والعمل على تأسيس مراكز اتصال طبّي تساهم في تلبية الحاجات الصحية الطارئة، إضافةً إلى خطوات أخرى، على أن نوافيكم بمجريات الأمور لاحقًا، جئت أدعوكم جميعًا، وخاصة الاخوة المغتربين منكم، الى مدّ هذا التوجّه بالدعم المالي الذي يتوفّر عبركم، راجيًا ان يعوّض الله عليكم أضعاف ما به تُحبّون، وان يحفظكم وكلّ من عائلاتكم، وكلّ انسان، من كلّ شر. علمًا أنكم ستتطلعون خلال يومين، عبر مواقعنا الاعلامية، على سبل التبّرع والآليات الممكنة.

طالبًا صلواتكم.

 

المشاركات الشائعة