رأي في أسباب سقوط مشروع الإشتراكات في رعيّة الميناء

 

رينيه أنطون

نشرة صوت المركز - 2002

 

أرى أنّ مشروع الإشتراكات يتعرّض لتقزيم وأراه يحيد عن التوجّهات الأساسيّة التي كانت وراء إطلاقه. فالمشروع ليس غاية بحدّ ذاته؛ إنّه وسيلة، مهمّة وأساسيّة برأيي، حتّى نصل من خلالها إلى تنظيم رعائيّ يساهم في تفعيل الرعاية بحيث يكون الله حاضرًا في كلّ وجه من أوجه حياة كلّ فرد مؤمن،  وبحيث تكون الجماعة الكنسيّة مواكبة لشؤون أفرادها وشجونهم ويكون هذا الفرد حاضرًا بشكل حيّ وفاعل في كلّ وجه من أوجه حياة كنيسته ومواكبًا لشؤونها وشجونها.

لذا لا أرى أيّة أهميّة لنظام الإشتراكات إذا لم يكن مرتبطًا بشكل صميميّ بخطّة رعائيّة تسعى لتحقيق الهدف الرعائيّ المنشود. فأنا لم أسمع في يوم من الأيّام لا الأخ كوستي بندلي، الذي نظّر للمشروع ووضع خطوطه العامّة، ولا الأب بولس بندلي، وقد كانت لهما المساهمة الأساسيّة في إطلاق المشروع، يتكلّمان في موضوع الإشتراكات بشكل منفصل عن خطّة النهوض الرعائي. فالحملات الإعلاميّة المواكبة لإطلاق المشروع هدفت إلى إيضاح الخطّة الرعائيّة المرجوّة.

بعد إطلاق المشروع في رعيّة الميناء تحقّق تقدّم كبير فيه حتّى بلغ عدد العائلات المشتركة في مرحلة من المراحل 600 عائلة (أي ما يوازي ثلثي عدد العائلات)، واستقرّ عددها لفترة طويلة من الزمن على ما يقارب 450 أو500 عائلة (أي نصف العدد تقريبًا). وكان للسهرات التي واكبت المشروع أثر كبير في عودة عدد ملحوظ من الناس للمشاركة في القداديس والصلوات.

أمّا لماذا سقط المشروع؟ أو، على الأقلّ، لماذا ضمر؟ السبب الوحيد الذي أسقط المشروع هو سقوط الحلم الرعائيّ. فما وُعد به الناس لم يلمسوه حياة وواقعًا على الأرض. لم يروا أنّهم على طريق الوصول إلى هذا الهدف الرعائيّ. فقد بني الهدف الرعائيّ على أساس أنّ تحقيق المشروع سيسمح لنا بإيجاد كهنة شباب، فنستطيع حينها أن نقسّم رعيّتنا الكبيرة إلى 3 أو 4 رعايا صغيرة فيكون لكلّ رعيّة راعٍ حاضر بشكل قويّ وفعّال في حياة رعيّته. ولكن هذا الأمر لم يتمّ؛ إذ لم تتحسّن الرعاية بوجود الكهنة الشباب كما يجب ـ باستثناء تحسّن في الوعظ والتعليم وبعض التقدّم في الإفتقاد الموسميّ ـ ولم تبصر الرعايا الصغيرة النور واستمرّ الإرتباط المسيء بين الخدم الكنسيّة والمال فسقط الحلم حينها وأصبح المشروع بحالة ضعف ووهن. هذا ما سمح للأزمة الإقتصاديّة التي ابتدأت في الثمانينات بتدهور سعر صرف الليرة أن توجّه للمشروع ضربة قاضية. فالمشترك الذي كان يدفع، مثلاً، 5 ليرات شهريًّا في بداية المشروع، أمسى غير قادر على تعديل قيمة اشتراكه بشكل متكرّر بما يتناسب والواقع الإقتصادي المستجدّ من جهّة، وبات غير مقتنع بضرورة تعديل قيمة اشتراكه إذ لا حافز يدفعه إلى ذلك من جهّة أخرى. فأفرغ المشروع من محتواه شيئًا فشيئًا في ظلّ غياب ملحوظ لمجلس الرعيّة على هذا الصعيد وأضحت هذه التجربة مهمّشة في حياة الرعيّة اليوم.

 

 

 

المشاركات الشائعة