زاكي تاجر

رينيه أنطون -  9 أيلول 2012


اليوم، انكسر الموت أيضاً وعجز عن إبعاد أحد أتباع الناصريّ عن كرسيه في هيكل الربّ. فبقي، مرشدي الأول وصديقي الدائم، حاضراً مشاركاً مُطلاً! بقي وجهه وشخصه وطيفه! بقي منتصباً خلف صليب مائدة الربّ، حيث يحبّ ويريد، متمتماً الى فوق، إلى حيث كان يعود، وإن بعد حين، ليرتاح مما أثقلته به الحياة.

زاكي تاجر، قد لا تعرفه أجيال الحركة اليوم لكنّ الحركـة تعرفه وتعرف أنها، أبداً، كانت حيث كان. تعرف أنّه قامة، قامة محبوكـة بصنّارتها، صنّارة المحبّة والصبر والأخوّة والايمان، صنّارة الثقة بالله والانتصار على كلّ المآسي والصعوبات في الحياة. تعرف أن الحبيب بقي صامداً في حالة الالتزام، بقي عشير كتاب، بقي، كعادته، داعماً صامتاً سائلاً متسائلاً عنّ كلّ ما يخصّها، ما يخصّ قضية المسيح وكنيسته.

وكما بقي زاكي تاجر سيبقى. ففي عرفنا، نحن المسيحيين، ما هكذا تُمحى الوجوه والأشخاص والأثر، وما هكذا تزول المحطّات الكبيرة والفواصل المحمولـة بعيّنات من محبّة الربّ. "فنحن قياميّون"، قياميّون، ومن ينتقل منّا إنّما يحلّ لوناً من ألوان إيقونة القيامـة ويأتي بالايقونـة مكانه، مكان وجهه الدنيويّ، لتقرّب من بقي منّا إلى التنعّم بجائزة الفداء والانتصار الأبدي.

فاذهب يا صديقي مرتاح البال، إذهب إلى حيث ينتظرك، ممدود اليدين، ذاك الذي ملأ حياتنا سويّة، وانتظِر، في حضنه فرِحاً، ذلك اليوم العظيم، يوم نلتقي جميعاً وجوهاً وأجساداً مختلفةً محرّرة من كلّ أثقال الخطيئة والموت.

وإلى حينه ثقّ أن كلّ أثر تركته سينمو وكلّ كلمة نطقتها ستفعل. أمّا أنا فلا يبقى لي إلا أن أقدّم لك الشكر وأفيك الأثر، الذي حملني إلى محبّة يسوع، صلاةً وصلاة.

_________
*مرشدي، المؤثّر، في الاستعداديين والثانويين، والصديق اللاحق الذي  شُهد له بالفضائل والشغف بالقراءة وسعة الثقافة والاطّلاع.

المشاركات الشائعة