بعد هذا فكّروا ببيروت

 رينيه أنطون – 12 آب 2020


الأجساد المُشلَّعة، والنفوس المُدمَّرة، أولاً.

الشباب والشابات، من اطفائية بيروت والدفاع المدني، الذين تواجدوا داخل المرفأ في المنطقة الملاصقة لمكان جريمة العصر، الانفجار...

العمال اللبنانيون والسوريون، الفقراء، الذين كانوا، حتى المساء، يعملون في المرفأ قرب مكان جريمة العصر، الانفجار...

بحّارة السفن، من مختلف الجنسيات، الذين كانوا يتواجدون في اماكن عملهم في سفنهم على أرصفة المرفأ قرب مكان جريمة العصر، الانفجار...

المُستخدمون والأجراء في المرفأ والجمارك، وعناصر كافة الاجهزة العسكرية والأمنية، وأصحاب المصالح الذين كانوا يتواجدون داخل المرفأ قرب مكان جريمة العصر، الانفجار...

المدنيون والعسكريون الذين كانوا يتواجدون خارج ابواب المرفأ وعلى حدوده لحظة حدوث جريمة العصر، الانفجار...

مرضى المستشفيات القريبة، من اطفال وشباب وشابات ورجال وسيدات وشيوخ، وأهمّها "الروم"، الذين كانوا في أسرّتهم لحظة هبطت عليهم الأسقف والجدران بفعل حدوث جريمة العصر، الانفجار...

أهل الأكواخ القريبة، والمنازل، الواقعة في دائرة حول مكان جريمة العصر قطرها ٥ كلم شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا، والعاملين في جميع الأماكن والمؤسسات، والمارّون، صدفةً في هذه الدائرة...

آباء وأمهات وزوجات وأزواج وأبناء وبنات وأطفال وأشقاء وشقيقات الضحايا والمفقودين، وأصدقاؤهم وصديقاتهم...

أريحوا الضحايا أولاً، رمّموا النفوس في نطاق الجريمة. إملأوا الفراغات فيها لئلّا يملأها الحقد، وبعد هذا فكّروا في بيروت والحجر.

أتعلمون لماذا لا ينتهي الموت في لبنان؟ لان الحرب لم تنته. فالحروب لا تنتهي ببناء الاوطان. الحروب تنتهي بانحناء الاوطان اعتذارًا من أرواح الضحايا. وهذا، بمسح الدموع من عيون أحبّائها والركام من نفوسهم.

المشاركات الشائعة