الأزمة الأرثوذكسية وأنطاكيّة

 رينيه أنطون – 25 شباط 2020


إضافةً إلى مداخلات لأصدقاء، قد توجز هذه النقاط لمن يريد الاطلاع بعض وجوه أزمة الكنيسة الأرثوذكسية العالمية، والبيان الصادر بصددها عن كنيستنا الأنطاكيّة الذي أعلن رفض المشاركة في اجتماعٍ يضمّ بعض رؤساء الكنائس يعقد في الأردن اليوم، هذه بعض وقائع مُختَصرة:

١-بعد سلسلة ممارسات تفرّدية، وفي تشرين الأول ٢٠١٨، تفرَّد البطريرك المسكوني بالاعتراف باستقلالية احدى الكنائس المنشقة عن الكنيسة الأم في أوكرانيا. والاعتراف بكنائس مستقلة هو أمرٌ منوط باجماع الكنائس القائمة عليه.

٢-في ظل الحرب الباردة، المتجددة، بين أمريكا وروسيا لم يُستبعَد التأثير السياسيّ في هذا القرار نظرًا لالتصاق كنيسة أوكرانيا التاريخي والجغرافي بالكنيسة الروسية.

٣-أثار القرار ردود فعل متوقَّعة، خصوصًا بعد ان رفض البطريرك المسكوني كل الدعوات إلى عقد اجتماع لرؤساء الكنائس لمعالجة الأمر، ومنها دعوات متعددة ومراسلات للبطريرك يوحنّا العاشر .

٤-أقسى ردود الفعل أتى من الكنيسة الروسية التي بادرت إلى قطع الشركة مع بطريركية القسطنطينية.

٥-تبع الأمر انقسام حول قرار الاعتراف اذ بادر عدد قليل من الكنائس إلى تأييده.

٦-وسط التعنّت والاصطفافات، وبعد استنفاد الوسائل، بادر بطريرك القدس للدعوة إلى هذا اللقاء التشاوري بهدف ردم الهوّة ومعالجة الشرخ بين الكنائس، مع ما يمكن ان تعكسه هذه الدعوة من أبعادٍ أخرى.

٧-واكب دعوة بطريرك القدس أمران: الأمر الأول رفض البطريرك المسكوني لها وانقسام حولها شبه متساوٍ بين الكنائس. واختلفت الأسباب ما بين الاصطفاف والتموضع وما بين غياب الاجماع عليها الأمر الذي يعطّل تحقيق الأهداف المبتغاة. والأمر الثاني الإصرار على الاجتماع رغم الانقسام ووسط غموض ما يمكن ان ينتج عن ذلك من توجّه ونتائج وانعكاسات.

في موقف كنيستنا الأنطاكية:

يتضّح لي من قراءة بياناتها بهذا الخصوص ما يلي:

موقف أوّلي بقبول الدعوة في حال تأمنَّت لها ظروف تحقيق أهدافها، ومنها بشكل أساس قبول الكنائس لها. وتَرافُق هذا القبول مع سعي ومرونة لئلا تشكل الأزمة مع كنيسة القدس، بفعل تعدّيها الرعائي على قطر، أي عائق أمام أولوية وأهمية معالجة ما هو أكبر وأخطر.

موقف أخير، قد يكون أتى في اللحظات الأخيرة بعدالتأكد من استحالة تحقيق أي هدف وفاقي للاجتماع في ظلّ حدة الانقسام "شبه المتوازن" حوله ودون ان تكون قضيّة قطر هي العائق الأساس أمام عدم المشاركة، وبالقدر ذاته دون تخطّيها بالكامل لغياب إمكانية ان يسفر الاجتماع عن نتائج فاعلة.

أمانةُ الموقف الانطاكيّ لارادة الربّ في كنيسته ووحدتها تخطَّت ما تخلّل الأيام الأخيرة من رسائل "قدسية" اشتراطية وإغرائية كبيان مجمع كنيسة القدس منذ أيام.

ماذا يبقى؟

الصلاة من أجل الكنيسة ورعاتها وهي الأكثر فاعليةً، وامتدادها في حياة المؤمنين التفافًا وتحلّقًا حول الحقّ، وما أمكن من مبادرات.

 

 

 


المشاركات الشائعة