الصدق في ممارساتنا الرعائيّة

 رينيه أنطون

نشرة صوت المركز - العدد الرابع 1997

أهمّ ما يُضعف شهادتنا للمسيح، هو غياب الصّدق في كثير من الأحيان عن ممارستنا الرعائيّة. فقليلاً نفعل ما نقول، وكثيرًا نقول ما لا نفعل، ولذا نعاين اليوم كثرة التجارب التي تسقطنا. فإذا شئنا الولوج يومًا إلى أسباب "أزمة" الكنيسة الشاهدة، أرى لزامًا علينا التعمّق فعلاً بتقويم تجربتنا على مرّ السنين، تجاه المال والسلطة، فهما يلخّصان كلّ التجارب التي تعيق شهادة الجماعات الملتزمة. كلّنا في الظاهر متعفّفون عنهما، ولكنّ السّاقطين إزاءهما واللّاهثين وراءهما كُثُر، وكُثُر جدًّا، وتلك هي أزمتنا في الأساس.


لا شكّ في أنّ الاحتقان الذي تخلّفه هذه الأزمة، يجد متنفّسًا له في بعض الأُطر الكنسيّة كما في الأُطر الدنيويّة الأخرى، وعلّ هذا يفسّر ما نشهده اليوم في بعض مجالس الرّعايا (مثالاً وليس حصرًا، فهي موضوع اليوم) من تجاذبات وصراعات، تؤدّي، في حال استفحالها، إلى تفريغ المجالس ممّا تبقّى فيها من مضامين نهضويّة وتسخيرها في خدمة مآرب وأهداف شخصيّة، لا تمتّ إلى توجّهات الكنيسة وبشارتها بصِلة، وإن اتّخذت هذه الأهداف أشكالاً خدماتيّة أو تعليميّة.

وتلافيًا لهذا المحظور، أرى لزامًا علينا، التذكير ببعض الأُسس والمفاهيم التي نُقلت إلينا والمتعلّقة بروحيّة عمل المجالس الرعائيّة وهي:

1)    المجالس هي واحات خدمة وشهادة للحقّ وليست أُطر مسايرة ومحاباة وجوه. هي مجالات انسحاق للذّات في خدمة الآخر، وليس إطار سحق للآخرين إبرازًا للذّات.

2)    مجلس الرعيّة وحدة لا تتجزّأ، تعكس وحدة الرعيّة. فالمواقع واللّجان إن وُجِدَت من أجل الترتيب وليس من أجل التخصيص والفصل. فكلّ تفصيل يعني الكلّ.

3)    العلاقات بين الأطراف العاملة في مجالات الخدمة الكنسيّة هي علاقات ثالوثيّة الأبعاد، تعكس تفاني كلّ طرف بحسب مواهبه المتعدّدة في خدمة الآخر، ولذا فإنّ الاستقواء والتفرّد والهيمنة هي ممارسات غريبة عن إيماننا.

4)    لا صدارة لأحد، وخاصّة للمال ورموزه في مجالات الخدمة الكنسيّة، بل تسخير مجّانيّ له في خدمة الفقير السيّد، الصدارة للمسيح وحده.

5)    دور الكاهن المعلّم، والرئيس، بانتداب من الأسقف، أن يكون مثالاً في التصدّي لأيّ مسّ بهذه المفاهيم، وليس الإخلال بها أو مواكبة انزلاق البعض في الإخلال بها.

فعلى رجاء أن نشهد معًا، ببركة سيادة راعينا الجليل المتروبوليت الياس، سيادة هذه المفاهيم على خدمتنا وولادة مؤتمر الأبرشيّة والمجلس الملّيّ المنتخب، أرجو أن تسود المحبّة مجالسنا، فيكون المسيح وحده المنتصر بيننا.

 

المشاركات الشائعة