وفاء الدبس

 رينيه أنطون - 13 نيسان 2019


لكلٍّ منّا حكاية كُتِبَت بحبرٍ مِن أنسجَةِ الأحبّة.
وفاء كلمة نافرة في حكايتنا.
تعِبَت أنسجتُها، بَهُتَ حبرُها فانتفضَت كابنة أبَد.
أبَت وفاء أن تصيرَ لا حرفًا مرسومًا في الحكاية ولا لونًـا. سارَعت. فَكَّت حروفَ اسمها، حرَّرتها من هشاشةِ الورق، مَحت منها خطوطَ البشر، سلَخَت عنها اللحمَ، صَهَرتها بكُبرى المعاناة، رَصَفتها باتّجاه السماء وأطلَقَتها لتَبرقَ بالذي منه نُسِجَت.
فَهيَ لم تعتد غيرَ الجدّة. لم تعتَد الانكسار. لم تألف غيرَ العزّة والإصرارِ على الارتقاء. وإذ حاولَت الطبيعةُ إحناءَها استعادَت منها ما لها وانتفضت قيامَة. استحالَت لَحنًا "تاسعًا" محلِّقًا بأجنِحَةِ صوتٍ قياميّ فوق.
فلا تنسوا أنَّ وفاء إبنةُ كنيسة الصيّادين هيَ، إبنَةُ كنيسةِ الذين أحنى معلّمهم الطبيعة. لا تنسوا أنَّها لصيقَةُ جوقِها، خليلةُ الرعدِ فيها وعشيقةُ الصدّاحِ في وجه إيقوناتها. لا تَنسوا أنَّها مُدمِنةُ الرقصِ على أنَغام الانتصار وخلعِ الأبواب الدهريّة بصَرخَةِ "المسيح قام".
لذا لا تظنّوا أنَّ وفاء ماتَت، أو أنَّ أحدًا مِن أحبّتكم يموت. لا، أبدًا. أذكروا "أننا شعبٌ لا يموت".
كلُّ الحكايةِ أنَّ الأبناءَ لا ينحَنون. أنّهم يَمقُتون أن تَطعرَ العتاقةُ قِصَصَهُم ويَبهُت التشويقُ، فيها، في سردِ الوجود، فيُسرِعون إلى أن يَصيروا عنوانًا لحيث، في الجدّة، يأبَد الوجود.
كلُّ الحكايةِ أنَّ الأحبّة حينَ يتعَبون يتبدّلون. يأفلون مِن حكاياتنا كلمة ليَبزغوا فيها شارةً للكلمة. يَبزغون رسمَ ملاكٍ، مُرتَكِضٍ، مُستبيحٍ لقبرٍ فارغٍ، يزُفُّ للعيون أنَّ ما مِن أحدٍ في القبور.
المسيح قام.