المخفيون قسرًا
رينيه أنطون - 30 أب 2025
علمتُ أنّ اليوم، ٣٠ آب، هو اليوم العالمي للمختفين أو المفقودين قسريًّا. ويذكر موقع ويكيبيديا أنّ المبادرة إلى تخصيص هذا اليوم أتت أوّلًا من أقارب الذين اختفوا في السجون السياسيّة في أمريكا اللاتينيّة، لتذكير العالم بهم وبقضيّتهم، حيث من المعروف ما ارتكبته الأنظمة العسكريّة والديكتاتوريّة في تلك البلاد من انتهاكات بحقّ الإنسان والمآسي التي نتجت عنها.
لفتني الأمر، أوّلًا، إلى المطران بولس يازجي ورفيقه المطران يوحنّا إبراهيم، ليس حصرًا، وإنّما كشخصين ورمزَين، في آنٍ معًا، لقضيّة كلّ مختفٍ أو مخطوف، وذلك بسبب مكانة كلٍّ منهما الأسقفيّة ومسؤوليّته الرعائيّة.
ذكّرني، ثانيًا، بقساوة وفشل أصحاب القرار وأرباب الحكم في العالم في رفع الظلم وكشف الحقيقة، بالرغم من المتابعة والجهد الحثيث من قِبَل البطريرك والمسؤولين في الكنيسة. وقادني إلى التساؤل عمّا إذا شاء الحكّام، حقًّا، معرفة الحقيقة أم تواطؤوا في وجهها، مُرفقًا بتساؤلٍ آخَر: كم تكون، إذًا، قساوتهم ولامبالاتهم تجاه المخفيّين والمظلومين الضُعفاء، وكم حاجة هؤلاء المخفيّين وأهاليهم إلى ألّا يُطرَحوا من ضمائرنا في مجاهل النسيان.
وأعادني، ثالثًا، إلى خطابنا كجماعة مؤمنة، ومشاغلنا التي تملأ أوقاتنا، وهواجسنا وتربيتنا، التي قد تخلو من مثل هذه الأبعاد والقضايا الإنسانيّة المُتعلّقة بقضيّة الإنسان بعناوينها المختلفة، وقضيّة المخفيّين واحدة منها. فأطرح على نفسي السؤال الآتي: هل من أولى من أبناء الإنجيل بأن تتصدّر هذه الأبعاد فيهم همًّا واهتمامًا، فلا يلهوا بالله، بل ينشغلوا به عبر انشغالهم، الجدّي والعميق، وليس السطحيّ، بقضيّة الإنسان والفداء؟ أنعجز عن الترجمة العمليّة لهذا الانشغال وتجلّي التكامل، فيها، بين السلام والمحبّة والحقّ الانجيليّ ؟ أحاوَل كلٌّ منّا بجدّ؟ أنَشخَص إلى أن نكون جماعة المصلوب لا جماعة الحروف؟ أليسَ علينا التأمّل في أنّ "ليس كلّ من يقول: يا ربّ، يا ربّ، يدخل ملكوت السماوات"؟